من غير بنطلون في حفلة كبرى؟!

TT

كانت السماء تمطر والليل اسود قاتما ومعالم شارع سان جرمان ليست واضحة. ولكني رأيت أمامي من يمشي بطريقة ذكرتني بأستاذنا د. لويس عوض. واندهشت، ثم اقتربت منه فكان هو.. أهلا يا دكتور حمد الله على السلامة. أين تسكن في باريس؟

فأجاب بدون آسف: أنا كنت في طريقي إلى نيويورك وهبطت في باريس خطأ. وفي الطائرة كل أمتعتي.. أريد أن أتناول العشاء. فأين اعتدت أن تأكل؟

وذهبنا إلى أحد المطاعم الرخيصة في حي باريس. وامتدحت المطعم والطعام، ووقف على الباب يقرأ ما يقدمه المطعم من طعام. وسألني: منذ متي تتردد على المطعم؟ فقلت: من ستة شهور. فضحك وقال: ياه.. أنت أكلت إسطبلا من الخيول والحمير.. ولم افهم.. فقال: إنهم هنا يقدمون لحم الخيل!

فضحكت وقلت له: ولكني نباتي. فأنا أكلت سمكا فقط!

ونحن طلبة اعتدنا على «سرحان» د. لويس عوض. كان يدخل قاعة غير قاعتنا ويلقي محاضرة على غير تلامذته.. أو ينسى الجاكيت أو منظاره الطبي.

وتذكرت الأديب الألماني لسنج، الذي راح يدق باب بيته فنظر إليه الخادم من الطابق العلوي وقال له: البروفيسور لم يأت بعد. فشكره وقال: قل له سوف أمر عليه غدا! وكذلك الموسيقار الروسي برودين الذي ذهب إلى إحدى الحفلات الكبرى وقد نسي ارتداء البنطلون.. واندهش جدا كيف كانوا يستقبلونه بالابتسام والضحك.. ولم يفهم!

وكان أستاذنا المستشرق الألماني باول كراوس، أستاذ اللغات الشرقية، يختار اكبر القاعات في كلية آداب القاهرة ليلقي الدروس على ثلاثة من الطلبة; اثنين لا يحضران وأنا وحدي الذي يذهب. ولم أكن من طلبته وإنما كنت معجبا به.. وفي إحدى المرات ذهبت متأخرا.. فأشار بيده ألا ادخل. فقد تأخرت.. ومضى يحاضر بصوت مرتفع فنظرت إلى القاعة ولم يكن بها أحد. ولكنه لم ينتبه إلى ذلك. وواربت باب القاعة لكي استمع إليه. ونسي انه منعني من الاستماع إليه، وسألني: ما رأيك في المحاضرة فقلت: رائعة يا أستاذ!