بداية إصلاح في مصر

TT

المراقب المحايد للانتخابات المصرية لا بد ان يعترف ان ما تحقق في هذه الانتخابات كان أكبر مما كان متوقعا. وكان واضحا ان الحكومة حاولت ممارسة اكبر قدر ممكن من الحيادية والشفافية في ظل ظروف صعبة.

مصر تشهد أول انتخابات رئاسية حقيقية في تاريخها، وكثير من المصريين لم يكن يثق بإمكانية حدوث انتخابات نزيهة بسبب التجارب المريرة السابقة حيث يترشح الرئيس دون منافسيه، وحيث تكرس كل إمكانيات الدولة المادية والإعلامية للمرشح الوحيد مع غياب هامش حقيقي للتعبير عن الرأي الآخر.

أربعة أطراف سياسية مصرية تستحق الإشادة، الحزب الوطني الحاكم الذي حاولت الأطراف المتنورة والعقلية الجديدة فيه ان تعطي الفرصة للاجتهادات الأخرى للتعبير عن نفسها، وحزبا الوفد والغد اللذان لولا مشاركتهما في الانتخابات لكانت اقرب للاستفتاء منها الى الانتخابات، وكذلك حركة كفاية التي رفضت الانتخابات وشنت حملة واسعة ضد الرئيس مبارك وتظاهرت وعبرت عن نفسها بطريقة ديمقراطية. وربما يكون الخاسر الاكبر هما حزبا الإخوان المسلمين والتجمع حيث اللاموقف، فلا مشاركة حقيقية ولا اعتراض حقيقي ومثل هذه المواقف المائعة في لحظات التحول التاريخي تضعف أية جماعة سياسية ولا تقويها.

نعم، ما زال الحزب الوطني يستخدم مؤسسات الدولة الرسمية بكل اشكالها لمصلحة مرشحه، ونعم، ما زال هناك غياب ثقة لدى المواطنين بسبب التجارب المريرة الماضية، لكن الحقيقة التي يجب ان نتفق عليها هي ان رصاصة الاصلاح السياسي في مصر قد انطلقت وانه لا يمكن وقفها.

المهم ان ينفذ الرئيس الجديد وعوده وخاصة في قضايا تحديد ولاية الرئيس بدورتين انتخابيتين، ومحاربة الفساد، وحل مشكلة البطالة وغيرها، ولا شك ان الانتخابات البرلمانية المقبلة في مصر ستكون اخطر واهم انتخابات في تاريخ البلاد، فعلى ضوئها تتحدد ملامح المرحلة المقبلة، وعلى ضوء تركيبة البرلمان الجديد ستنفذ الاصلاحات. وعلى الجميع قبول النتائج بروح رياضية والتحضير للجولات القادمة.