رسالة ورسالة

TT

إلى الاخت فوزية

مشكلتي هي مشكلة المرأة السعودية، التي سلب رأيها ولفقت عنها الاقاويل في الغرب. انا امرأة سعودية اعيش وسط مجتمع سعودي يعج بالنساء اللاتي لا يسقن السيارات ولا يكشفن وجوههن. فهل قيادة السيارة جزء من تقدم المرأة ،وهل الكشف هو اساس النجاح والسعادة؟ لا والله لأني وجميع من اعايشهن سعيدات بحياتنا متقدمات بعلمنا ونادرا ما تكون السعودية غير جامعية او غير متحضرة. فأنا درست وتزوجت واصبحت اما لطفل ولا يعوقني شيء، اذ اني اذهب الي السوق والكلية والمتنزهات وازور صديقاتي بسيارة يقودها زوجي فماذا ينقصني؟ هل قيادة السيارة ستكمل حياتي؟ سر السعادة هو ان يلبي زوجي طلباتي ويصحبني ويشاركني في كل اموري، لأنه هو الزوج والاخ والاب في الوقت نفسه. حالة رانيا الباز حالة شاذة في مجتمعنا، ولذا تعجبت حين عممت اوبرا وينفري حالتها علينا جميعا، ونسيت المجتمع الاميركي الذي يعج بالجرائم التي ترتكب في حق المرأة. أليست الاعلامية الناجحة مطالبة بدراسة المجتمع الذي تتحدث عنه، لكي تستطيع ان تفصل بين العام والخاص وان تعدل في حكمها؟ لقد وصفت مجتمعنا بالتخلف بسبب حادثة واحدة ولم تصف مجتمعها بذلك رغم كل ما يحدث هناك.

اتمني ان تبادري بمراسلة اوبرا وينفري او محادثتها مع زميلاتك الفضليات، في «كلام نواعم»، وان توصلي رسالتي لها كاملة وبذلك تكونين قد خدمت المرأة السعودية. ارجو الرد.

تلك هي الرسالة التي وصلتني موقعة: امرأة سعودية، كما لو أن كاتبة الرسالة ضنت علي باسمها، لأن الاسم نوع من الكشف الذي لا يجوز. وربما يكون الكاتب رجلا لا امرأة. وليكن. فجوابي لن يتغير سواء كان الكاتب رجلا ام امرأة وهو ان رأس الحكمة مخافة الله. وقلب الحكمة هو التكيف لا الخضوع. فالتكيف ينطوي على قدر من حرية الاختيار والتصالح مع النفس والظروف. وهذا ما اتمناه لنفسي ولكل انسان في كل زمان ومكان. واقول لكاتبة الرسالة: من نصب اوبرا وينفري خصما وحكما في الوقت نفسه؟ ألا يساهم في الظلم والتضليل كل مشاهد يجلس طواعية لمشاهدة الصورة التي صنعها الاعلام الاميركي لتلك السيدة التي تبيع الاحلام والافكار لمن يشتري؟

وهل اجبرت رانيا الباز على المشاركة في برنامج وينفري؟ وهل اطلعت قبل المشاركة على مضمون البرنامج والدور المرسوم لها؟ وهل خدعت رانيا ام خدعنا نحن؟ لقد انصف القضاء السعودي رانيا فتنازلت عن حقها. واحتواها المجتمع السعودي، ماديا ومعنويا، وظلت اوجه الدعم مستترة. وأفادتها قناة الحرة الاميركية حين وفرت لها فرصة عمل. وافردت لها قناة الـ«ام بي سي» اكثر من فرصة للتعبير عن رؤيتها للحدث وتداعياته. ولقد تحولت القضية برمتها الى فوضى اعلامية، اختلطت فيها الامور بحيث اصبح من الافضل ان تطوى الصفحة ويسدل الستار. ويكفي ان نتذكر ان الجامعية السعودية هي نتاج حضارة استمرت الاف السنين، توجها الاسلام ورسم لها الحدود. ومن تعدى حدود الله فهو ظالم لنفسه.

لقد خاطبت وينفري بالاسلوب المتاح من خلال لقاء تلفزيوني شاركت فيه رانيا وخمس اعلاميات عربيات. ولن انسى ما حييت طعم الاحباط وحجمه، حين عرض البرنامج وادركت ان مقص المنتج المنفذ جار على حقي في التعبير عن موقفي ورأيي فظهرت بصورة الحاضر الغائب... يا كاتبة الرسالة انت مني وانا منك. ما يسيء اليك يسيء الي وما يجرحك يجرحني.