المعارضة المصرية.. مسؤوليات عاجلة!

TT

يجب أن تتوقف المعارضة المصرية عن شق الجيوب والبكاء على اللبن المسكوب، وأن تفكر بطريقة مختلفة للتعاطي مع نتائج الانتخابات الأخيرة.

علينا أن نعترف بأنه لم يكن بالإمكان أفضل مما كان. لا يمكن الانتقال من نظام فردي إلى نظام ديمقراطي. ولا يمكن الانتقال من انتخابات لا يشرف عليها القضاء وتتم سرقة صناديقها تحت الشمس، إلى انتخابات ديمقراطية كاملة الدسم بهذه السرعة.

نعم نكرر مع المعارضة المصرية احتجاجها على قضايا جوهرية، على استغلال مؤسسات المجتمع، والإعلام المرئي والمسموع والمطبوع لمصلحة مرشح الحزب الوطني. نعم نؤكد أن هناك مشكلة حقيقية في جداول الانتخابات، وأن هذه الجداول بحاجة إلى تجديد وتحديث وتكنولوجيا مختلفة، ونعم لا بد أن يُعطى المرشحون نفس الفرصة للوصول للناس، ونفس الإمكانات المالية، لكن على المعارضة المصرية أن تنظر في مرآة نفسها وأن تفكر في أخطائها مثلما تنظر في أخطاء الحكومة.

المعارضة المصرية خاضت الانتخابات متشرذمة بل متحاربة، قوى شاركت، وقوى قاطعت، وقوى وقفت في الموقف الانتهازي، وهذا ليس عيب الحكومة بل عيب هذه الأحزاب..!

المعارضة المصرية لم تنجح في تحريك الشارع، فكيف يمكن أن تتحمل الحكومة مسؤولية أن 77% من الناخبين لم يدلوا بأصواتهم لأن الناس، وبصراحة، لا تثق بالحكومة ولا بمعارضيها؛ لا بحزبها الوطني ولا بأحزاب معارضتها، بل أن بعض أطراف المعارضة يبالغ في القول إن دعوتها للمقاطعة هي سبب إحجام الناس وأطراف أخرى رشحت ولم تستطع إقناع الناس بالمشاركة..!

المسؤولية الوطنية تتطلب الاعتراف بالهزيمة، ليس فقط هزيمة الانتخابات بل هزيمة عدم الوصول إلى الناس. والحل ليس في نقد السلطة بل بإصلاح حال قوى المعارضة، وهناك فرصة كبيرة لو توحدت بعض القوى في المعارضة وخاطبت الناس بلغة بعيدة عن التشاؤم لخوض معركة الانتخابات البرلمانية القادمة، التي هي أهم من انتخابات الرئاسة. علينا أن نعترف بأن حرية الصحافة أصبحت أمرا واقعا في مصر، ومن يشكك في ذلك فعليه قراءة صحف المعارضة. وعلينا أن نعترف بأن هامشا كبيرا من الحرية أصبح حقيقة، ويكفي أن تقوم حركة «كفاية» بمظاهرة واسعة تهتف فيها بسقوط الرئيس مبارك بينما تتفرج الشرطة وتحمي المظاهرة..!

الدنيا المصرية تغيرت، من لا يريد أن يعترف بذلك يعاند حقائق ثابتة على الأرض، والدنيا المصرية لم تصلح كما يجب ولم يحدث فيها ما كنا نحلم به، لكن الوصول لهذا الهدف هو مسؤولية الجميع. وعلى قوى المعارضة المصرية ألا تضيع مزيدا من الوقت، وأن تستثمر الحالة التي نشأت في مصر، وأن تنظم صفوفها، فليس من مصلحة مصر أن يسيطر عليها حزب واحد مهما حسنت النوايا.