حالتان أمام القمة

TT

أمام القمة العربية حالتان مزمنتان: الحالة بين العراق والكويت، والحالة الفلسطينية. فالأزمة بين العراق والكويت ظلت الموضوع المطروح امام كل اجتماع عربي منذ 1990، بينما القضية الفلسطينية هي الهم العربي منذ أول قمة عربية والى اشعار آخر.

ومهما علت الاصوات المطالبة بمعالجات سريعة في هاتين الحالتين في قمة عمان، فإن الامر المؤكد هو أن القضيتين ستبقيان بلا علاج في هذه القمة. لقد قطع العرب شوطاً مهماً عندما اتخذوا قرارهم القاضي بجعل القمة دورية سنوية بدلاً من الاسلوب العشوائي السابق والقمم، الا أن هذا الامر لا يعني أن مجرد عقد اللقاءات دوريا سيجد الحلول لكل القضايا، والعلاج لكل الملفات. فالأمر الأكثر الحاحاً هو العمل على تنقية الاجواء، حتى تُنزع الالغام التي يمكن أن تفجر كل الاجتماعات.

وحتى الآن لا يبدو أن العرب قد وجدوا الصيغة التي تمنع الصراعات المزمنة وتسمح بتنقية الاجواء بالشكل الذي يهيئ لنجاح المؤتمرات العربية. والسبب في ذلك رغبة العديد من الاطراف في طي الملفات بأسلوب «التبويس» و«المصافحات» التي تتجاوز لبّ القضايا الى المجاملات التي تشكل جوهر مرض المؤتمرات العربية. ومن هذا المنطلق فإن الحالتين المعروضتين أمام قمة عمان ستبقيان بلا حل في هذه القمة، وربما في قمم اخرى مقبلة ايضاً. فالذين ينادون بقرار عاجل فوري من قمة عمان برفع العقوبات عن العراق وبعودته الى الحظيرة العربية لا يقدمون في المقابل وسائل عملية تبتعد عن اللعب على العواطف، وتتحلى بروح المسؤولية التي لا تقبل بتجاوز أخطاء الماضي وتركها من دون حلول. فالقيادة العراقية ارتكبت خطأ جسيماً بقرارها غزو الكويت بكل ما أحدثه ذلك القرار من دمار ومن جروح على الجسم العربي. وعلاج هذا الامر لا يتم من خلال التلاعب بالالفاظ واختيار تسمية مبهمة للقضية مثل «الحالة بين العراق والكويت»، ولا يتم عبر بيانات وصياغات عائمة، بل المطلوب اجراءات عملية لبناء الثقة ولتطمين جيران العراق، وكذلك اتخاذ خطوات من أجل الاجيال المقبلة تضمن منع تكرار ما حدث في الثاني من اغسطس (آب) عام 1990.

أما بالنسبة للحالة الفلسطينية فإن الجدل الاكبر الآن يدور حول الدعم المالي للسلطة. وهنا ايضاً فإن البيانات لا تكفي، مثلما أن تلافي الخوض في الموضوع بصراحة تامة سيبقيه من غير حلول. فالعديد من الاطراف العربية تثير تساؤلات حول كيفية انفاق السلطة الفلسطينية للأموال، خصوصاً في ظل تقارير من داخل الاراضي الفلسطينية، والصادرة حتى من بعض أجهزة السلطة مثل المجلس التشريعي، ومن جهات دولية تتحدث عن فساد مستشر وعن تبديد للاموال. والحل الأمثل لهذه العقدة هو في اتفاق واضح حول كيفية توزيع اموال الدعم، وقبل ذلك لضمان تنفيذ الدول للالتزامات والوعود التي تقدم خلال المؤتمرات وتبقى بعد ذلك حبرا على ورق.

ان طريقة معالجة هذين الملفين ستكون لها انعكاسات حاسمة على مستقبل القمم المقبلة وعلاج العيوب وأوجه القصور في العمل العربي المشترك.