هذا التطرف بعينه!

TT

أكتب هذا المقال ردا على مقال الأستاذ عبد الهادي الحكيم، المنشور إلى جانب مقالي. ننشر مقاله المحير فعلا، إيمانا بحق النشر، والاختلاف في الرأي، على الرغم من ان مقاله يمثل التطرف بعينه.

كيف لا وكاتبنا الكريم يقول إن لـ«الشرق الأوسط» ولقناة «العربية» موقفا «متخاذلا» و«غريبا» و«مريبا جدا» من الإرهاب في العراق، كما انه يتوعدنا بالندم. ولن أرد عن قناة «العربية» فزميلي الأستاذ عبد الرحمن الراشد قادر على الرد، وان كانت القناة تحت قيادته تتخذ موقفا مشرفا من الارهاب في العراق، وغيره، ودفعت الثمن قتلى وجرحى في صفوف العاملين فيها نظير حربهم على الإرهاب والإرهابيين في العراق.

أتعجب مما خطه الكاتب العزيز حيال موقف «الشرق الأوسط» الصحيفة التي أغلق مكتبها في بغداد بسبب التهديدات، والصحيفة التي خرجت بافتتاحية تقول «نعم للانتخابات في العراق»، والصحيفة التي تصدت، وتتصدى كل يوم، للتطرف في العراق، من دون ان تلبسه لباسا طائفيا.

أقول، ولي كل الحق، إنه قلَّ أن تكون هناك صحيفة عربية تنافسنا في وضوح الرؤية، والسياسة التحريرية، ضد التطرف والإرهاب. وكون الكاتب العزيز قد سماني بالاسم فأقول له إنني كثيرا ما نصحت بعدم الكتابة عن الإعلام العربي، واستفزاز زملائي الإعلاميين، وبالطبع لن اتوقف وسأستمر أمارس قناعاتي بضرورة إصلاح الإعلام العربي. لكن الموقف الذي نفخر به، وقلناه، ونقوله دائما، أنْ لا حيادَ مع الارهاب. فنحن لا نسمي الارهابيين مسلحين. ولا نسمي العمليات الانتحارية جهادية. وننبري ردا على كل خطاب متطرف، ونفنده، ليس في العراق وحسب. فتغطيتنا لحادثة مدرسة الاطفال في بيسلان تقول إننا ضد التطرف في كل مكان وليس العالم العربي وحسب.

ويقول الكاتب إننا لا نريد مواجهة التطرف الداخلي في السعودية ! يا سبحان الله ! هل كان الكاتب العزيز يقرأ «الشرق الأوسط» أم صحيفة أخرى ؟ تصدينا للإرهاب في السعودية، بالخبر والمقال والتحليل والتقرير والصور، وفردنا مساحات وصفحات من اجل ذلك. تجاوزنا الحدث وخضنا في أعماق الشخوص وأفكارهم.

ولم نقف هناك، بل فعلنا الأمر نفسه مع الإرهاب في مصر، والمغرب، والكويت، وقطر، وحتى في لندن، وحري بالقول العراق. كانت الرؤية بالنسبة للوضع في العراق واضحة لنا، قبل ان تحدد بعض الجماعات العراقية، او حتى بعض الحكومات العربية، موقفها. موقفنا كان ولا يزال حماية الانسان العراقي، بغض النظر عن دينه أو مذهبه.

لكن هل يقصد الكاتب مقالا هنا، أو هناك ؟ بالتأكيد لن نحجر على رأي مخالف، طالما كان رأيا مسؤولا. كما لن نمنح سياسيا عراقيا، او مجموعة عراقية، حصانة ضد النقد، طالما كان مسؤولا ايضا. كما لن نمنح مشروع الدستور العراقي حصانة ضد النقد، ان كان هذا ما أزعج كاتبنا، خصوصا انه من لجنة إعداد الدستور، وإلا بتنا متطرفين.

مقال الاستاذ الحكيم يجعلني أردد: كنا لهم حطبا في كل نازلة وكانوا لنا حمالة الحطب ! فيا كاتبي العزيز نحن مسرح له أخلاقيات وضوابط، لا قضاة.

[email protected]