أول الرؤساء الذين يحكمون ولا يملكون!

TT

الرئيس مبارك له معنى تاريخي فريد: فهو آخر الفراعنة: الرؤساء الملوك الذين يملكون ويحكمون، وهو أول الرؤساء الذين يحكمون ولا يملكون، وإنما نحن الذين نتحكم في الأمور، فنحن الذين اخترناه وأجلسناه فوق على العين والرأس من حياتنا وتاريخنا، وله حقوق ولنا أيضاً.

والرئيس مبارك آخر الجمهورية الأولى وأول الجمهورية الثانية، انتهى، ومنذ اليوم هو واحد مثل كل الرؤساء في الدنيا نأتي به أو لا نأتي، ولا أحد في مصر يدعي أن هذه الانتخابات كانت مثالية، فلا شيء مثالياً في هذه الدنيا، وإنما هي أفضل ألف مرة من كل الاستفتاءات التي سبقتها والتي كان علينا أن نختار بين اثنين دائماً: هذا الرئيس أو هذا الرئيس فنتفق على هذا الرئيس بنسبة 99.9% في كل مرة!

مع أنه لا يوجد اتفاق بين كل الناس على قضية واحدة، فنحن نعبد الله الواحد وهناك من يعبده ثلاثة ومن يعبد البقرة وأجدادنا كانوا يعبدون كل مظاهر الحياة: الماء والهواء والشمس والقمر وكثير من الحيوانات.

فليس بين كل خلق اتفاق على معبود واحد، ولا في الدولة الواحدة، ولكن نحن مثل كل أبناء الدول الشمولية لا نختلف إلا في 1% فقط، واختلف كثيرون في مصر على الرئيس مبارك، لا مانع، فهم ـ كما أننا ـ أحرار.

وتطاولوا عليه وعلى من حوله، إنهم أحرار ـ وان كنا لا نحب هذا الأسلوب في تطبيق الحرية، وتواصلوا بمقاطعة الانتخابات ـ إنهم أحرار، وان كنت أرى أن هذا موقف سلبي، وأنه من الواجب علينا أن نقول: نعم أو نقول لا.. وأذكر أننا في المجلس الأعلى للثقافة أحياناً نقدم ورقة بيضاء، والمعنى أن المرشحين لا يعجبوننا ولا يستحقون الجائزة، ليكن، ولكن لا بد أن نعطي صوتاً، ولا نقدم ورقة بيضاء كأن صاحب الصوت قد مات وكأن المرشح أيضاً.

وفي صحف المعارضة في مصر اجتراء على أناس كثيرين، ومن بينهم الرئيس، أمس واليوم وغداً، لا بأس، ولكن من الممكن أن نكون أكثر أدباً وذوقاً وفي استطاعتنا أن نأتي بملحنين من كل بلد ليعلمونا أن نقول: لا، لقد مضى وانقضى إلى غير رجعة عصر النصب التذكاري الذي عمره خمسون عاماً وهو: 99.9%!