موعد مع الغد

TT

المرأة السعودية على موعد مع المستقبل، هكذا تبين لنا المؤشرات. فما بين الاستقبال المهم لمجموعة من السيدات المنتسبات للكادر التعليمي من لدن الملك عبد الله بن عبد العزيز لهن، والذي تلاه بعد ذلك استقباله لمجموعة من المثقفات والاعلاميات في لقاءين كانا يتضمنان لكثير من الرسائل والعبر، التي تبين أن هناك مرحلة جديدة بانتظار المرأة في السعودية. ولا يمكن اغفال تصريح ولي العهد السعودي الأخير في الولايات المتحدة الأميركية، حين قال إن السعودية تسعى جاهدة لتحسين أوضاع المرأة، وسط ذلك كله أعلن أن الغرفة التجارية والصناعية بجدة ستسمح للنساء بترشيح أنفسهن لانتخابات مجلس الادارة. ولا يجب نسيان ما يحدث في وزارة العمل والخارجية من تجهيزات جادة لادخال المرأة وتمكينها في المجالات المعنية. هذه النقلة النوعية المنتظرة في التعاطي مع شأن المرأة غير مستغربة بل هي متوقعة لأنها تأتي في السياق «الطبيعي» للنمو والتنمية التي تحدث في سائر بلاد الكون.

والحقبة القادمة هي إذن حقبة النساء، هناك مؤشرات حميدة في السياق الاجتماعي المحلي تطمئن ببدء قبول لمكانة متوازنة وسوية للمرأة في المجتمع السعودي، تؤهلها للقيام بدور فعال وحيوي مثلها مثل الرجل تماما، كما صرحت به الشريعة الاسلامية السمحة. وكما تألقت المرأة السعودية بجدارة في قطاعات التعليم والطب يبدو أن فرصة اثبات ذاتها متاحة في المجالات الأخرى المتنوعة، وخصوصا مع مخرجات التعليم والتخصصات العلمية المتاحة للمرأة في المعاهد والكليات والجامعات المختلفة. والمرأة اليوم بحاجة «لخريطة طريق» اجتماعية تكون عنصرا أساسيا في خطط التنمية الحالية والمستقبلية، حتى لا تصبح هذه التصريحات والأخبار الصادرة مجرد بشائر مؤقتة، يزول أثرها المهم اذا غابت عنها عناصر التفعيل وأدوات التنفيذ. عنق الزجاجة الطويل الذي تعبر من خلاله التحديات الاجتماعية السعودية ما بين الشر والخير في اتجاهات مغايرة بحسب التيارات الفكرية المختلفة المعنية مرشح أن يزداد تشنجا وقلقا اذا لم تمهد الأرضية الملائمة لاتاحة حرية الاختيار كمبدأ أخلاقي اجتماعي أساسي. حتما الخيارات المطروحة حاليا ليست بنهاية الطموح ولا آخر المطاف بل هي البداية التي طال انتظارها.

والمرأة السعودية التي كانت عرضة للكثير من الاهانات والتجريح النمطي، ستكون وبقناعة الكثيرين أهم الموارد المفاجئة في المرحلة المقبلة. المرأة السعودية العاملة التي تنحت في الصخر وتواجه شتى «الممنوعات» و«المحظورات» و«المحرمات»، نتاج آراء متشددة ساعدت في مسيرة وأد اجتماعي للمرأة ولدورها المهم. ما بين الخطابات المرحبة والكلمات الرافضة والمهددة هذا هو اليوم حال المرأة السعودية، ولكن عملا بمبدأ (لا يصح إلا الصحيح )، يبدو أن الغد سيكون أجمل وإن غدا لناظره قريب.