الوطن.. يا شباب

TT

اعتدنا مع اشراقات الصباح الأولى في السعودية، ونحن متوجهين للمدارس، سماع أغنية تقدمها الاذاعة السعودية.. ورغم قدمها، الا انها ما زالت محافظة على ألقها الوطني في كلماتها. ويقول مطلعها «ازرع واحصد ارض بلادك.. بكره تجني الخير لأولادك»، وعادة ما تنتهي بتدخل المذيعة لتعلن عن «صباح جديد» في السعودية.

منذ عامين وصباحاتنا السعودية، ما فتئ الارهابيون يحاولون تعكيرها. ويأبى أبناء الوطن وقيادته إلا أن يحافظوا عليها نقية.

لا شيء يبدو محزناً والسعوديون يحتفلون بيومهم الوطني الخامس والسبعين، أكثر من أن تجد البعض ما زال يتحدث ويحقر ويحرم الوقوف لعلم الوطن الأخضر مرفرفاً. وآخرون من أبنائه يعيثون فيه فساداً وتقتيلاً في الأبرياء.

اذا اختلف السعوديون وانقسموا في تحليلهم للواقع الاجتماعي، فما لا يجب الاختلاف عليه، أهمية الوطن وأمنه والالتفاف حول قيادته.

الشبان واليافعون في السعودية يشكلون ما يقرب من 60 في المائة (الرقم قدره المختصون ولا توجد له دراسة رسمية) واذا كان من عماد للوطن فلا شك أنهم هم أساسه. والتغيير الحقيقي لا بد ان يكون في هذا الجيل، الذي تتراوح أعمار شبابه بين الخامسة عشرة والخامسة والعشرين. والتركيز على متطلباتهم الفكرية من خلال التعليم ووسائل الاعلام واجب وطني. وعدم تركهم عرضة لمنابع فكرية شاذة لتفرض هيمنتها. عقول الشباب يجب ألا تكون ساحة صراع للتيارات بكل أطيافها. عقول الشباب يجب أن تكون مساحة منزوعة السلاح.

الاكيد ان الالتفات الحكومي لاحتياجات الشباب، حاضر. ومركز الحوار الوطني الذي أنشأه الملك عبد الله خصص احدى دوراته لقضايا الشباب، وما زلنا في انتظار تفعيل نتائجه. والسعودية احدى الدول القلائل التي يتم التعليم فيها مجاناً. وبحسب علمي فنحن نكاد نكون الدولة الوحيدة التي تعطي مكافآت مالية شهرية لطلابها وطالباتها الجامعيين حتى يحين تخرجهم. وإعمار الجامعات والكليات قائم على قدم وساق في مختلف مناطق السعودية. وفسحت وزارة التعليم العالي أخيراً باب الابتعاث لأميركا لأكثر من خمسة آلاف طالب سعودي، مقدمة لهم الضمانات البنكية كاملة، تاركة لهم اختيار الجامعات التي يرغبونها.

يقول سراج النجار، 22 عاما، الذي يتجول منذ يومين والعلم السعودي يزين زجاج سيارته الخلفية «اذا كان البعض يعتقد ان تعليق العلم او تزيين السيارة بصورة وطنية نفاقاً، فهذا شأنهم. ولكني أكيد من أن هذا افتخار بانتمائي الى هذه الارض، وعلى استعداد لتقديم كل التضحيات في سبيل بلادي.. وحملي العلم حق مدني وواجب وطني».

وترى داليا دمنهوري «أن حب الوطن أكبر من أن تؤثر عليه رؤية سياسية مهما كانت. الوطن مثل الأب والأم، حبه فطري لا تجوز المساومة عليه».

ولكن هناك من يساومون يا داليا. وهناك من يرتزقون من مهاجمة الوطن. وهناك من يتاجرون بأبناء الوطن. وهناك من يعبثون بعقول ناشئة الوطن. وهناك من يهدرون مقوماته ويقوضون نجاحاته، ويبدعون في ايجاد وسائل تُخلّف مجتمعنا وتنميتنا عن الركب العالمي برمته.

إنه الوطن يا شباب.. أحبوه فانه يستحق اليوم حيوية الشباب وشجاعته للوقوف به ومعه. ورجال الامن شهداء الوطن يستحقون أن لا تذهب دماؤهم هباءً. لقد استشهدوا لانهم كانوا متأكدين من أن خلفهم من يستحق الحياة على أرض هذا الوطن. وكما غنى المطرب السعودي أبوبكر بلفقيه يوماً «يا بلادي.. واصلي واحنا وراكي».

* مقال يتناول آراء الشباب

حول قضايا الساعة