معنى أن يكون هناك وجهان لجانوس

TT

نحن نشهد حاليا وجهين مختلفين للعالم، مثلما هي الحال مع جانوس إلهة الإغريق القديمة، التي كان لها وجهان مختلفان، والقصة هنا أنه وكلما دخل شخص ما إلى الضريح الأولمبي في الصباح، سيشاهد جانوس (وفق الأسطورة) وهي تضحك. حيث يمتلئ وجهها بالشفقة وتعلو أشعة الشمس على وجهها المشرق، فيما، وعلى العكس من ذلك، فإذا مر ذلك الشخص بها عصرا سيشاهد وجها آخر خاليا من الشفقة والرحمة، وبدلا من ذلك سيرى علامات الغضب طافحة على وجهها الذي يتحول إلى البشاعة. أما بالنسبة لوجهي العالم اليوم فهما: الأول يظهر إرهابا وموتا وكراهية وحنقا، وأطفالا بدون طعام وعواصف، كل هذه الأمور وأشباهها تجعل وجه العالم بشعا جدا، وغير مقبول وهذا نتيجة إعصار كاترينا في الولايات المتحدة والزرقاوي في العراق.

النتيجة واضحة أمأمنا، وبسبب ذلك يجئ طرح هذا السؤال: من يحكم العالم؟

ومع ذلك فهناك وجه آخر للعالم يتمثل بجهود العلماء العاملين في مختبراتهم، والمفكرين والفنانين والكتّاب والفلاحين، والتي تهدف كلها إلى تحسين صورة العالم، وجعل الحياة فوقه أفضل مما هي عليه. إنهم يفكرون بالحياة لا بالموت.

في الفترة الأخيرة منع العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز مواطنيه من تقبيل يده. أقتطف هذا النص من خطابه: «تقبيل الأيدي هو شيء غريب على قيمنا وأخلاقنا، وهو مرفوض من قبل النفوس الحرة والأمينة».

وفضلا عن ذلك فانه يؤدي الى الانحناء، وهو ما ينتهك شريعة الله، ذلك أن المؤمن لا ينحني الا الى الله الذي لا اله سواه». وفي كل مرة كنت ازور فيها المملكة العربية السعودية لأداء فريضة الحج، أو المشاركة في بعض المؤتمرات، كنت أشعر أن هناك تناقضا في سلوك البعض، فعندما يريد حاج بسيط سواء كان رجلا أم امرأة، تقبيل ضريح النبي في المدينة، كان يمنعه رجال الشرطة أحيانا بصورة عنيفة قائلين «حرام ! حرام !». ولكن تقبيل الأيادي كان حلالا.

والملك عبد الله لم يحل فقط ذلك التناقض في المملكة العربية السعودية، وإنما أيضا في العالم الاسلامي. أعني ان هذه المبادرة هي البداية، فقد أظهر بهكذا موقف الطريق السليم.

وفي كتابنا المقدس لا توجد حتى آية واحدة ذكرت أن المسلمين مطالبون بتقبيل يدي أي واحد، لا النبي ولا غيره. بل أكد القرآن، على خلاف ذلك، الى أنه يتعين على النبي أن يحترم المؤمنين. «واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين» ـ الآية 210 من سورة الشعراء. «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا» _ الآية 21 من سورة الأحزاب.

وفي بعض الدول الاسلامية يتميز تقبيل الأيادي بل الأقدام بمراسيم خاصة، حيث الناس البسطاء جدا يجب أن يقفوا في صف طويل لتقبيل الأيادي وفي بعض الأحيان الأقدام. وقد كانت هذه طريقة الفرعون حيث يحث ناسه على طاعته لأنهم كانوا خانعين. ولكن من الذي جعلهم كذلك ؟ الفرعون نفسه بالطبع.

وكما قلت سابقا، فإننا بحاجة الى أن نعود الى ديننا وثقافتنا. ويمكنني القول ان تقبيل اليد مناهض للثقافة، وهو يسبب الاذلال.

وقد خلق الله الأنبياء من اجل الناس، ولكن بعض العلماء ورجال الدين يعتقدون ان الله خلق الناس من أجل الأنبياء، وأن رجال الدين هم خلفاء النبي، ان هذا مصير محزن للاسلام أو أي دين آخر. وهذا في الواقع تشويه للدين في وقت نحن بحاجة الى الوجه الجميل للاسلام.

* كاتب وباحث إيراني