أربعائيات ... قلق المقارنة..!

TT

هل القلق عاطفة إنسانية ؟ هل نحن نحزن عندما نقلق، أم نحن نفكر ونتأمل ونتفلسف في محاولة للفهم والتبصر ووضوح الرؤيا .؟!

تقلق عندما تقارن حاضرك بماضيك..! تأتيك أخبار بغداد فإذا عنوانها الرئيسي انفجر، وقُتل، وجُرح ..! ثم تعود إلى نفس بغداد قبل قرون طويلة فتجد العنوان الرئيسي، كتب وترجم، وشرح..! حين تتذكر الخليفة المأمون، وبيت الحكمة والفلاسفة والمستشفيات، والمفكرين يأتون من أقاصي روسيا وبلاد فارس والشام للدراسة والبحث والترجمة..! حين تدخل سوق الوراقين قبل اثني عشر قرنا تجد كتب الفلاسفة والمفكرين والمبدعين، فكر المتكلمين، والأشاعرة والسلفية والصوفية..! لا أحد يقطع رأس أحد، تشعر بحزن شديد وانقباض في القلب..!

كيف لا تقلق حين تقارن ماضياً متقدماً بحاضر متخلف..! كيف لا تلح عليك الأسئلة وتهاجمك علامات التعجب وأنت ترى الأمم تسير إلى الأمام، وأمتك تسير إلى الخلف..!

قلق المقارنة قاتل ومحبط..! حين تقارن بين حاضرك المتخلف، وماضيك المتقدم تضطر للدخول إلى لعبة المقارنة مرة أخرى، ولكن هذه المرة بين حاضرك المتخلف وحاضر الآخرين المتقدم..! حين تسير في الشارع ، في لندن أو باريس أو نيويورك أو بكين أو سيئول، ترى الناس منضبطة، والوقت له ثمن والإنسان له ثمن، ترى المختبرات والجامعات تخترع كل يوم أدوية جديدة لعلاج المرضى، وأجهزة جديدة لتطوير الحواسب الآلية. ثم تعود إلى مدنك العربية فتجد الفقر والفساد، الشحاذين يملأون الشوارع، والعاطلين عن العمل يملأون المقاهي..!

الآخر يصنع وأنت تستهلك.. الآخر يزرع وأنت تأكل .. الآخر يحيك وأنت تلبس.. والمقارنة تبدو أكثر من مأساة وأكثر من ملهاة، وشر البلية ما يضحك !

هل نكف عن القلق ؟ هل نكف عن المقارنة..! كيف يمكن أن نتحرك إلى الأمام إذا لم نقلق ، ثم نقارن .. ثم نشعر بالفروقات الفلكية..! وكل هذا على أمل أن نفكر في طريق للخلاص..!

أيها الناس اقلقوا واحزنوا، لكن ليكن قلقا ايجابيا، وحزنا ايجابيا، لا ينتهي بالإحباط بل بشحذ العزائم..!