الاستئناف والاستنكار

TT

عددت «الجزيرة» مجموعة من الاتحادات والمنظمات الصحافية التي استنكرت الحكم بالسجن 7 سنوات على مراسلها في كابول تيسير علوني. وقد صدر الحكم عن محكمة اسبانية علنية في مدريد، وهو قابل للاستئناف والتمييز. ولي ثقة بأن دولة تعمل بالقانون وتخاف الرأي العام في بلادها، سوف ينتهي بها الامر الى اصدار حكم عادل على السيد علوني.

غير انني لاحظت اسماء كثيرة جدا لم اكن اعرف بها في مجال الدفاع عن الصحافيين العرب. ولم نسمع من أحد او عن أحد من هذه الهيئات عندما خطف الصحافي المصري الشهير رضا هلال. ولا كلمة. ولم نقرأ للسادة المدافعين سطرا او برقية عندما عثر على الصحافي الليبي الشاب ضيف الغزال قبل اشهر مقتولا ومعذبا ومقضيا عليه بقانون اللجان.

وعندما اغتيل الكاتب سمير قصير بحثت عن اتحادات الصحافة العربية في جميع اقبية النوم فلم أجدها. وقبل يومين رأيت رسما كاريكاتوريا ماتعا في «السفير» يقول: «لا حياة لمن تنادي. انا قتلته». المفارقة في الحكم على تيسير علوني بالسجن القابل للاستئناف والتمييز انه وقع في اليوم الذي صدر حكم نهائي على الزميلة مي شدياق ببتر ساعدها وساقها. وهذا هو الحكم المستأنف. اما الحكم البدائي فكان يقضي بقتلها حرقا وتقطيعا حتى الموت.

عبثاً بحثت عن الاتحادات والدفاعات العربية الا قليلها الرتيب الذي لا مهمة له سوى مواكبة جنازات الحرية واحيانا ضحاياها. تمعنت طويلا في هذه اللائحة الطويلة التي تضافرت للاعتراض على القضاء الاسباني وحاولت ان اعرف رأيها او موقفها من القضاء العربي. عبثا.

والمفارقة أن مي شدياق وتيسير علوني صحافيان تلفزيونيان. ولا يقل احدهما شهرة عن الاخر. لكن تيسير علوني مراسل حربي شجاع، ومي شدياق سيدة شجاعة في الحرية. اما في الحياة العامة فتخاف من ظلها. وكان يمكن للاتحادات الدفاعية العربية ان تتذكرها لان الحكم عليها على الطريقة العربية ليس فيه استئناف ولا تمييز. هذه مزحات لا يقبلها العقل العربي ولا يقر بها. وما يجعل الصحافة العربية سريعة العطب هو هذا الاستنساب عند «اتحادات الدفاع». بحيث يكون الحكم القضائي القابل للاستئناف جريمة موصوفة وتكون الجريمة الموصوفة مسألة فيها نظر.