الشجرة والبنت والحذاء!

TT

فكرت في زيارة كوبا مرة ثالثة، واتجهت عيناي إلى فندق (هافانا ليبري) أي هافانا الحرة وكان اسمه قبل ذلك هيلتون. وإلى محل بيع القهوة التي لا أستطيع أن اشربها، ولم أحاول. فهم في كوبا يطحنون البن والسكر معا، فهي بلاد البن وقصب السكر والدخان، وليس فيهم واحد لا يتناولها كلها معا، فكنت إذا أردت أن اشرب القهوة التركية السادة أذهب إلى السفارة المصرية.

وأمسكت القلم بحكم العادة ورسمت شجرة وتحتها بنت وقد خلعت حذاءها، ولم افهم ما معنى هذه الصورة التلقائية. أما البنت فأعرف لماذا ؟ أما الشجرة فهي شجرة بن أو قصب سكر أو تبغ.

ولا بد أن الشجرة أيضا ترمز إلى تلك الليلة المطيرة جدا، والتي تماسكنا فيها بالأيدي واحدا وراء واحد وراء الرئيس كاسترو لكي نزرع شجرة التضامن. فقد كان المؤتمر الذي شاركنا فيه هو مؤتمر (القارات الثلاث) أميركا وأوروبا وأفريقيا. وغابة التضامن قد غرست فيها كل الشعوب رمز التضامن المتنامي بينها.

وكنا نردد ما لا نفهم من الأغاني السهلة التي يسهل فهمها على من يعرف الإيطالية .. والأغاني الاسبانية.

وأخيرا عرفت معنى هذا الحذاء. ففي مدينة هافانا بيت وحديقة بها حيوانات تركها الأديب الأميركي الكبير همنجواي الذي عاش فيها طويلا وأحبها كثيرا، ففي غرفة مكتبه وجدت الأرض قد امتلأت بالأحذية تماما كغرفة نوم أستاذنا العقاد، أما مكتبه فقد تزاحمت عليه الأقلام تماما مثل مكتب صديقي الأديب السويسري ديرنمات، وقد بهرني في أديب سويسرا أن له بيتين: واحداً يعيش فيه والثاني يكتب فيه. وسألت الأستاذ العقاد عن الحكمة من كثرة الأحذية هذه فكان من رأيه أننا لا نهتم عادة بما يريح القدمين اللذين يحملان الجسم الإنساني، وقد تؤدي الأحذية الصغيرة أو غير المريحة إلى مضاعفات في الساقين والركبتين والكتفين، ولذلك فراحة القدمين هي راحة للجسم والعقل أيضا.

وضحك العقاد وقال: يا مولانا الإنسان يمشي على رأسه ورأسه في حذائه.. ها ها!