حصحص الحق : بوش بحاجة لصديق ينصحه ..!

TT

ما يحتاجه جورج بوش الآن هو أن يصنع نموذجه الخاص من كلارك كليفورد ، بمعنى أنه يحتاج لصديق مقرب بدرجة كافية تسمح له ان يقول له إن رئاسته تواصل اخفاقاتها، وحكيم بدرجة كافية أيضا لان يشرح لبوش ما يجب ان يفعله لينقذ رئاسته.

وقد لعب كليفورد دور قائل الحقيقة بالنسبة لليندون جونسون في قمة أزمة فيتنام. وعبر مزيج مميز من كونه شخصية موالية ، ولكنها غير معتمدة على جونسون، كان هذا الشخص النموذج التقليدي للمؤسسة القانونية للرئاسة، لا يتحدث فقط مع الرئيس ولكنه، أي الرئيس، يستمع اليه، وإنْ لم يكن بالضرورة يتابع التفاصيل.

الى ذلك فقد كشف تخبط بوش منذ فشل ادارته في مواجهة اعصار «كاترينا» النقاب عن نموذج متكرر لعدم الاهتمام بواجبات الحكم، وعن ولاءات في غير محلها وعن موظفين غير أكفاء ورفض للمراجعة والتعلم من الاخطاء.

ولا اشعر بالسعادة من ذلك التقييم الحاد. فلم اشارك ابدا في القناعة غير المنطقية للعديد من معارضي بوش الحزبيين بأنه، كزعيم قومي، غير شرعي، او أبله او الاثنان معا. هذا غير صحيح.

اضف الى ذلك الواقع الرصين: لدينا اكثر من ثلاث سنوات من رئاسة بوش الثانية. لقد بذل جهدا حيويا لوضع اسس جديدة للسياسة والوجود الاميركي في الشرق الاوسط. ولكن دفعه لوضع غير فعال قبل انتهاء مدته سيضعف تلك الجهود، ويضر بالأمة بطرق اخرى.

ولكن، ومع النظام الاميركي، فبوش وحده الذي يمكنه منع وقوع ذلك ليتحمل مسؤولية منع انهيار رئاسته.

لقد تمكن من منع نفسه من السقوط اكثر في الحفرة التي اوقعه بها اعصار «كاترينا» ولكن الرأي العام ينظر الى جهوده في ما يتعلق بإعصار «ريتا» عبر منظور «كاترينا» ـ باعتباره محاولة لمنع مزيد من الاضرار وتحسين سمعته، وهو يتخذ الان موقفا دفاعيا.

وكما كتبت في شهر يونيو الماضي بعدما اظهرت الاستطلاعات انهيار التأييد بنسبة كبيرة، اصبحت الشكوك والشكاوى بخصوص السياسة التي تتبعها الادارة عالية الى درجة لم يعد بوش ولا فريقه يسمعونها.

لقد وصلت عدم القدرة المربكة (او الرفض) لما يجري في البلاد الى شاشات التلفزيون عندما ضرب الاعصار «كاترينا» اريزونا وتجمد بوش، حيث ظهر مصمما على الاستمرار في اجازته في تكساس مهما حدث.

وكما هو موقفهم في العراق، فإن فريق بوش تبنى استراتيجية «انظر الى الأمام وليس الى الخلف» اعتمادا على تعميمات مبهمة حول المستقبل، بغرض خنق الماضي. انهم يحاولون تعبئة الاهتمام القومي كحليف اساسي في حقبة الاخبار التي تقدم على مدار ساعات اليوم على نحو مستمر.

ولكن هذا النهج القصير النظر سيقضي على الثقة والتأييد لمساعي إعادة إعمار المناطق التي تأثرت بالأعاصير المدمرة الأخيرة وبسط الاستقرار في منطقة الشرق الاوسط. اما التقارير التي تتحدث عن نهج عسكري «جديد» في العراق فلن تؤدي سوى الى إثارة المزيد من المخاوف والقلق وربما الدهشة وعدم التصديق.

ويجب ايضا، حيث الجهات المعنية باتخاذ خطوات مماثلة بالنسبة لمسألة العراق، فقد تجاهل بوش الفساد وافتقار العراقيين المتعاملين مع وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية للأهلية والكفاءة ، وتأييد الحملة التأديبية للوكالة ضد العراقيين الأقل مرونة مثل احمد الجلبي وجلال الطالباني. بوش في حاجة ايضا الى حل النزاعات العالقة في إدارته بشأن الاستراتيجية العامة لمكافحة الارهاب التي ستتضمن مساعي ومجهودات متواصلة لـ«كشف وفضح» المهوسين الذين يروجون لآيدولوجية «القاعدة» في العالم الاسلامي.

هذه الرسائل يجب ان تصل بكل وضوح وشفافية وبعيدا عن المصالح الذاتية والنفوذ الشخصي. ويبقى ان البحث عن شخص يمكن ان يلعب دور كليفورد بالنسبة لجورج بوش اتى باسم واحد هو رونالد بيتس، وهو رجل أعمال ناجح في نيويورك ومحام ومدرس سابق في المدارس الحكومية في هارلم وزميل في مؤسسة ييل، وصديق لبوش منذ سنوات الدراسة الجامعية. ترى، ما هو رأي السيد بيتس؟ يجب اتخاذ هذه الخطوة الآن قبل فوات الأوان.

* خدمة مجموعة كتّاب «واشنطن بوست»

ـ خاص بـ«الشرق الاوسط»