غاب عن الرسم الكاريكاتوري

TT

كان كلما ارتفع سعر النفط في الماضي، امتلأت الصحف الاميركية بالرسوم الكاريكاتورية عن العربي الذي يضع نظارتين سوداوين وخنجرا الى وسطه. ومنذ اكثر من عامين ودول اوبك تحاول ضبط اسعار النفط والاسعار تزداد التهابا. كان المنتجون يطالبون بسعر للبرميل لا يقل عن 22 دولارا، لكن منذ مدة وسعر البرميل لم يتراجع عن 60 دولارا. وفي كل ذلك لا مسؤولية للعرب. مرة يكون المسؤول اعصارا طبيعيا اميركيا ومرة اخرى يكون اعصارا آخر، او يكون المسؤول زيادة الاستهلاك في الصين والهند، او خفض الانتاج في روسيا، او تعطل المصافي في فنزويلا، وكل ما يعرضه العربي هو المساعدة. إما بزيادة الانتاج او بوسائل أخرى. لكن الصحف الاميركية خالية من أي رسم كاريكاتوري للعربي الاسود النظارتين وخنجره.

ترتفع وتهبط اسعار البورصات في العالم بسبب ما يسمى «عوامل السوق». لكن السوق النفطية ترتفع منذ حين بسبب عوامل الطبيعة، تماما مثل اسعار الحمضيات والبن والقمح والصويا والكاكاو. فالبرد الذي كان يضرب المواسم الزراعية اصبح الآن يشعل اسواق النفط ومشتقاته. وعندما اعلن العرب الحظر النفطي لصالح فلسطين العام 1973 كان سعر البرميل 7 دولارات، اما الآن فقد بلغ 66 دولارا بلا حظر ولا حرب. وكان وزير النفط الكويتي السابق الشيخ سعود الناصر قد توقع ان يصل سعر البرميل الى ستة دولارات. ومنذ ذلك التوقع تضاعف السعر الى رقمين وستة الى جانب ستة اخرى. ويتوقع ان تفيد من ذلك الدول العربية المحدودة الانتاج، مثل سورية وعمان، والضخمة الانتاج مثل السعودية والكويت. وفي السعودية حول الملك عبد الله الزيادة الى زيادة في الرواتب والدخل. وتعدت البورصة السعودية والكويتية مستويات خيالية. وانعكست الدخول النفطية مشاريع اعمارية هائلة في الامارات وفي الاردن. وبرغم المحنة السياسية المتواصلة في لبنان فقد دخل اليه مليار دولار من الاستثمارات الخليجية، بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وفي الأفق اضعاف هذا الرقم، والسبب تضاعف الدخول النفطية على نحو لم يكن يحلم به احد.

وهناك من يعتقد ان النفط لم يصل الى سعره الحقيقي او العادل بعد. فقد ارتفعت وتضاعفت اسعار معظم السلع مرات كثيرة فيما ظل النفط غائبا عن حركة الارتفاع النسبي. ومن الآن والى ان يعثر البحاثون حول العالم على بدائل للزيت ومشتقاته، او بعضها، سوف يقطع السعر مسافات بعيدة، لا تزال ضمن ضروب الخيال، حتى على لسان «الخبراء».