رجل السلام اسمه محمد

TT

لو أن محمد البرادعي منح الجائزة قبل عشر سنوات، ربما ما كان لها وقع دولي، كما هو اليوم، لسبب واحد يفوق جهده في قضية الحد من انتشار السلاح النووي. سمعة العرب والمسلمين انحدرت الى ادنى مستوى عرفته الأمم، بسبب الارهاب الذي لم يوفر ضحية من كل ديانة وعرق وعمر ومكان. اليوم البرادعي اعتبرته اهم مؤسسة تعطي علامات النجاح في العالم رجل سلام، سعى من خلال وظيفته الى تقليل مخاطر نشر السلاح النووي.

وجاء اختياره للرد على فئتين من المرجفين، واحدة تنتمي للعرب والمسلمين، ولغت في الدم حتى شوهت سمعتنا في كل مكان، والثانية تحمل في داخلها كراهية ضد العرب والمسلمين، وقد وجدت الأدلة للادعاء انها مشكلة دينية وعرقية.

قيمة الجائزة انها منحت تقديرا لرجل كلنا شاهدناه يقوم بواجبه كمفاوض ومتابع من اجل تجنيب المنطقة خطرا جديدا، لعب دورا مهما في سلامة اهل الأرض من احتمالات الصدام النووي، واستخدامات السلاح الفتاك في الحروب الاقليمية. جائزة لعمل غير عادي في ظرف زمني أيضا غير عادي، في واحدة من أخطر القضايا التي تهددنا في منطقتنا، اكثر مما تهدد أي مكان آخر في العالم.

سيقال انهم منحوها للبرادعي من اجل حرمان الدول الاسلامية، ضاربين المثل بإيران، من امتلاك السلاح النووي. قول صحيح ليس لأنها اسلامية، بل لانها دولة لا تزال خطرة ويجب ان نكون اكثر الناس تشجيعا له بنزع فرصة سلاحها النووي. فالوكالة سمحت لباكستان، لأن الهند كانت قد سبقتها، وعلى أمل ان يتوصل البلدان لاحقا الى تجريد كامل.

اما ايران فلها خصومات مع جيران غير مسلحين، ولها موقف عدائي لم يخمد منذ ربع قرن، فإنها، ورغم نفيها، ستوجه اسلحتها الى جيرانها العرب، وتمددها الأخير من خلال العراق ليس الا بداية مقلقة. كما أن استضافتها عددا من قادة القاعدة واستخدامهم في تنفيذ عمليات ارهابية، مؤشر على استمرار سياستها الخارجية المعادية التي تستخدم فيها العداء لإسرائيل دعائيا فقط، كما فعل صدام عند احتلاله الكويت.

وبالطبع سيظل السؤال عن اسرائيل المدججة نوويا يلاحق البرادعي في كل مكان، كما حدث قبل أيام في احدى المقابلات. لكن البرادعي قال انه كمسؤول عن المنظمة الدولية، له الحق في ملاحقة الدول التي تعهدت ووقعت على الاتفاقية، مثل ايران وغيرها. فطالما انها وقعت على اتفاق الحد من انتشار السلاح النووي فهي ملزمة بتنفيذ ما تعهدت به، اما اسرائيل فليست من ضمن الدول. والبرادعي يؤمن، مثلنا جميعا، ان اسرائيل مشكلة كبيرة لا تهدد العالم بترسانتها الضخمة، بل أيضا لأنها تصبح مبررا يحفز الآخرين على حيازة السلاح النووي.

[email protected]