دريد في غواصة

TT

يعرض «تلفزيون الجديد» برنامجاً بعنوان «مايسترو»، الذي يعده ويقدمه الاعلامي «نيشان». والاعلامي الشاب ارمني ضليع في اللغة العربية وواسع الثقافة العامة وذو حضور حيوي. وفي الموسم الماضي اعتمد على السؤال المقتضب والمعلومة المأخوذة من سيرة ضيوفه وأقوالهم.

ولم يطل فقط كمحاور، بل كشريك في الحوار، فقدّم نفسه كرجل ذي هموم ومشاعر وقضايا.

لا املك الوقت لمتابعة كل ما يجب او كل ما ارغب. لكنني حرصت كالعادة على حضور حلقة دريد لحام. وبعد فترة قصيرة شعرت بدوار حقيقي، واحياناً بخوف على دريد. وقمت الى فراشي. فالاستوديو الجديد للبرنامج يشبه مكاتب تحقيق «الغستابو». ولسبب اخراجي عبقري لا يفقهه امثالي، يجلس الضيف وقد ادار ظهره للمحاور نصف زاوية. ويطرح المحاور سؤالاً عن نهاد قلعي وقبقابه، فترافق السؤال موسيقى مخيفة، مهّدِدة، متسللة، متربصة، من افلام هيتشكوك. وكلما اختار نيشان سؤالاً عن الإنترنت امامه، كان هناك دوي مثل سقوط حوت من الجو في بحيرة هادئة. ويحاول الضيف الأسير ان يختلس نظرة الى مضيفه فلا يقدر في نير العذاب الضوئي غير المرئي. ولا ادري عن الحلقات الأخرى، لكن المقعد الذي أقعد عليه دريد، اشبه بغواصة جلدية طار سقفها في بحر روسي. وتتصدر الاستوديو لوحة ضوئية حلزونية تتغير عليها الألوان باستمرار، مثل مدخل كباريه، وايضاً لم استطع ان اعرف السبب.

تعودت من الموسم الماضي ان اصغي الى «نيشان»، وان اتمتع بأسلوبه في خلط معرفته الشخصية بسيرة ضيوفه. لكنني امس بحثت عبثاً عن دريد وعن مضيفه. فكيفما تطلعت لا ارى امامي سوى كهرباء و«نيون» وجلود لماعة وغواصات طار سقفها في بحر البارنتس. ودريد مُقتَعدٌ وكتفه الايسر الى «نيشان»، فيما مصوبة عليه كاميرا طبية مثل آلات الاشعة. وكأنما المقصود ان يخرج صديقنا العزيز من هذه القاعة الضوئية ومعه تقرير طبي وليس بإعجاب محبيه. وخيل اليَّ ان لا دور «لنيشان» في هذه الحلقة. لقد ترك المسألة برمتها الى الكهربجية يجرَّبون آخر اختراعات الاشعة فوق البنفسجية وتحتها.وخفت ان تنوّمني بفعل تغيرها الحلزوني السريع.

وزاد في التنويم الموسيقى المتسربة من تحت المقاعد, وخصوصاً المقعد الذي اغرق فيه دريد والذي يشبه غواصة روسية طار سقفها على عمق 200 متر ما بين اوديسه وبحر البلطيق.