إجلس وفكر!

TT

في مطار ملبورن وفي طريقه من استراليا إلى نيوزلندا، طلب حارس المطار من الأمير أندرو دوق يورك أن يخضع كما كل المسافرين للتفتيش بجهاز يدوي يكشف الأجسام المعدنية!.

احتج الأمير وطلب مدير المطار، لكن المدير الذي حضر على عجل أبلغ الأمير أنه لن يسمح له بركوب الطائرة إذ لم يوافق على الخضوع لإجراءات التفتيش، وهو إجراء قانوني يطبق على الجميع في أستراليا، ثم طلب مدير المطار من الأمير أندرو أن «يجلس ويفكر لبعض الوقت» في الحجرة المجاورة، فبماذا فكر الأمير؟

هل سمع الناس في الخارج صيحته الأليزبيثية وهو يصرخ: «هزلت! ما عاد إلا هي!. أنا سليل التاج البريطاني، حفيد الأمبراطورية التي لم تكن الشمس عنها تغيب!. ابن اليزابيث والأمير فيليب يفتشونني!».

هل فكر الأمير أندرو أن خضوعه للقانون إهانه لا يمسحها إلا الدم المراق، ففكر أن يتصل بأمه لترسل جيوشها تدك قلاع الاستراليين وتؤدبهم؟! أم أنه فكر بأن إزعاج والدته قد يرفع ضغطها وسكرها، إذا ما عرفت بأن ابنها يهان على يد الاستراليين، وهو لن يضطر لهذا؟!. سيرفع السماعة على أصدقائه أصحاب النفوذ ويحدث أحدهم: يا جو، الله يخليلك شوف لنا موضوع مديركم المهبول يريد تطبيق القانون علي أنا، أنا اندرو ولد اليزابيث، يصير عاد، طيب، شكرا، نسهر الليلة مع بعض أكيد، أكيد، بس قل لهم لا يعودونها مرة ثانية!.

ربما فكر أندرو أن الأمر لا يستحق كل هذا الإزعاج، فهو يعرف دواء هؤلاء الفئران المتشنجين الذين يعشقون استعراض قوتهم وصلابتهم بوقاحة لإذلال الناس، ويحبون أن يجربوا عضلاتهم على الناس في عرض مبتذل لسلطتهم، فهم يفهمون أنهم هنا لإذلال الناس لا لخدمتهم. ويستقوون على الضعفاء فيذلوهم وعلى الأقوياء فيبتزوهم، هؤلاء أمرهم عنده سهل، سيلوح لهم بربطة الجنيهات البريطانية، وسيسيل لعابهم ويفسحون له الطريق، وينظفون له البلاط ، وينفضون الشعرة الصغيرة عن كتف قميصه، ويقولون العذر والسموحة، آسفين اللي ما يعرفك يجهلك، تفضل لا تواخذنا، سلم لنا على الوالدة الله يطول عمرها!.

وعندها سيبتسم أندرو ابتسامة مائلة على جنب ويقول:....!

هل فكر أندرو بكل هذا؟ أم بماذا فكر عندما خرج من الغرفة المجاورة ورفع يديه للجهاز الذي مر على جسده النظيف ولم يرن ولم يحتج، وفي عملية لم تستغرق عشر ثوان فقط. بعدها قالوا لأندرو تفضل أركب الطائرة، انت عزيز علينا لكن القانون أعز!.

[email protected]