التصعيد ليس حلا

TT

من الواضح ان حكومة ارييل شارون قررت القفز فوق كل اتفاقات السلام، بل ان عملية السلام نفسها ومواجهة الانتفاضة الفلسطينية بشن هجمات على «الارهاب» قد تستمر اسابيع او شهورا، حسب توقعات رئيس الاركان الاسرائيلي الجنرال شاوول موفاز.

وتأكيدا على تصلبها في مواجهة حركة الاستقلال الفلسطينية بأي سلاح كان إلا سلاح الحوار ـ وان كان على مطالب سبق للاسرة الدولية نفسها ان أقرت بشرعيتها ـ عمد رابع اقوى جيش في العالم الى دك مواقع تابعة لاصغر تنظيم أمني في المنطقة، وربما في العالم، اي الحرس الشخصي لرئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات، اضافة الى مواقع مدنية مثل مكان هبوط طائرة عرفات. حتى في إطاره الامني الصرف، تجاوز رد الفعل الاسرائيلي حجم الفعل الفلسطيني ربما ليعيد الاعتبار الى «صورة » أرييل شارون، جنرال المهام الدموية، ويوحي للناخب الاسرائيلي بان العنف وحده قادر على اخماد ثورة استقلال شعبية. لا جدال في ان العملية السلمية ـ ان جاز الاستمرار باطلاق هذه التسمية عليها ـ باتت في ادنى مستوياتها منذ انطلاقتها قبل عقد من الزمن تقريبا ولا تبدو مرشحة للخروج من غرفة العناية الفائقة في ظل تجاهل حكومة شارون لبديهة معروفة وهي ان العنف يولد المزيد من العنف.

قد لا يبدو من الواقعية بمكان توقع اي شكل من اشكال الحوار المباشر بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي في اعقاب ما يمكن وصفه بانهيار كامل لعامل الثقة بينهما. ولكن، لان الوضع بلغ هذا الحد من الخطورة، ولأن الحملة العسكرية التي بدأها شارون قد تتسبب بمجازر تؤجج دورة العنف الى ما لا نهاية، ولان قمع الحركات الاستقلالية اثبت، على مدى القرن المنصرم، انه يلحق بالمستعمِر والمستعمَر كوارث ونكبات لا تحول، في نهاية المطاف، دون انتصار ارادة الاستقلال، ولان الاستخدام المفرط للقوة قد يقود الى وضع سيكون بعده اي حوار سياسي غير ممكن، ولأن الحالة الاسرائيلية ـ الفلسطينية هي آخر الحالات الاستعمارية في عالم اليوم... بات المطلوب من الدول الكبرى، وتحديدا الدول الغربية التي عاشت تجارب استعمارية في آسيا وافريقيا، ان تتدخل بشكل مباشر لاحتواء المزيد من التصعيد في عمليات القمع الاسرائيلية.

وإذا كان الفيتو الاميركي في مجلس الامن قد فوت فرصة متاحة للبدء بتهدئة الوضع عبر نشر قوة مراقبين دولية في الاراضي الفلسطينية تساهم في وقف العنف وحماية المدنيين، فإن الفرصة لم تفت بعد «لاقناع» سلطات الاحتلال الاسرائيلية برفع الحصار المفروض على الاراضي الفلسطينية كبادرة حسن نية تمهد للعودة الى حوار جدي بين الطرفين.