انتفاضة شارون

TT

اعلنت «حماس» و«الجهاد الاسلامي» مسؤوليتيهما عن العمليات الانتحارية التي وقعت في اليومين الماضيين، لكن حكومة اسرائيل تصر على تحميل المسؤولية للسلطة الفلسطينية وبالذات لياسر عرفات، مشيرة الى ان حرس عرفات (القوة 17) يعملون وينسقون مباشرة مع «حماس». من جهته رد عرفات بان الانتفاضة ستستمر ولن تتراجع امام ما اسماه بداية لتصعيد اسرائيلي سيستمر مائة يوم.

المصادر العسكرية الاسرائيلية التي سربت خبر ان المرحلة الاولى من التصعيد الاسرائيلي يمكن ان تستمر من ثلاثة الى اربعة اشهر (تقريبا المائة يوم التي اشار اليها عرفات) سربت ايضا بان «مخيمات تدريب ارهابية» بدأت في رام الله بأمر من عرفات. فهل يعني هذا التصعيد والتصعيد المضاد اننا متوجهون نحو مرحلة يسقط فيها الكثير من الابرياء؟ نطرح السؤال لانه مهما بلغ العزم الفلسطيني، فانه لا يمكنه مواجهة الهليكوبترات والسفن الحربية الاسرائيلية، ناهيك من القوة العسكرية بأكملها.

الدول العربية التي اجتمعت في عمان اكدت دعمها «المالي» للانتفاضة المستمرة منذ ستة اشهر واتخذت خطوات لمراجعة المقاطعة الاقتصادية لاسرائيل! وعادت الى المطالبة بقوة مراقبة دولية رغم «الفيتو» الاميركي.

ربما تكون الاجتماعات المغلقة، وحتى الجلسات المفتوحة التي عقدت اثناء القمة، ابعدت المعنيين عن متابعة ما يجري بين الادارة الاميركية الجديدة والحكومة الاسرائيلية الجديدة، او ان التحضيرات للقمة لم تسمح للمعنيين بمتابعة زيارة ارييل شارون الى واشنطن وما جرى فيها من مباحثات واتفاقات جديدة.

لقد انتظر شارون استعمال الولايات المتحدة «الفيتو» قبل ان يتخذ «القرارات العسكرية»، وكان مساء الثلاثاء تحدث مطولا مع الرئيس الاميركي جورج بوش واقنعه بضرورة استعمال اميركا لـ«الفيتو» لان وجود قوات دولية سيزيد من تعقيدات الموضوع. وفي الوقت الذي قررت فيه القمة العربية ان تعبر عن اسفها «للتصرف» الاميركي وتتجاوزه من دون اجراء اتصالات جديدة مع الاميركيين والروس والاوروبيين، فانها عادت وادرجت هذا الطلب (ربما ارضاء للفلسطينيين) في البيان الاخير. في هذا الوقت كان وزير الخارجية الاسرائيلي شيمون بيريز (المفترض انه من شركاء عرفات في السلام) يتصل بمستشارة الامن القومي الاميركي كوندوليسا رايس ويبلغها قرار اسرائيل بانها تنوي شن غارات جوية.

في واشنطن كان شارون قد ضمن دعم الادارة لسياسته بانه لن يستأنف المفاوضات تحت ضغوط العمليات «الارهابية»، وكي لا يحرج الادارة الاميركية وينسف ما يحاول بناءه منذ انتخابه رئيسا للوزراء، انتظر كذلك انتهاء مؤتمر القمة ليبدأ عملياته العسكرية.

لقد ركزنا على ابراز ماضي شارون وغابت عنا متابعة الخطوات التي اعتمدها منذ انتخب. قال انه سيخفف من الاجراءات عن الفلسطينيين «غير الارهابيين» ليظهر انه محب للسلام، لكنه لم يشر ما اذا كان سيأمر الجنود الاسرائيليين بالكف عن استفزازاتهم المرفوضة التي اصبحت من التقاليد العسكرية الاسرائيلية. ارسل مبعوثيه الى اوروبا وتمسك بشيمون بيريز، الذي ظل جالسا على المنصة في دافوس بينما عرفات يقول ان اسرائيل نازية وعنصرية. كنا نعتقد ان بيريز سيكبح ميل شارون للعنف العسكري فاذا ببيريز يبرر عمليات القصف ويقول انها ليست عقابا جماعيا بل كي يُجْبَر عرفات على تحمل مسؤولياته.

في القمة اختلفوا واتفقوا وساوموا على الموقف من العراق، بينما داخل الاراضي الفلسطينية كانت الانتفاضة مستمرة، وبدل ان تركز اوروبا، على الاقل، على ما يجري هناك، رأتنا في قمة عمان نركز على اعادة تأهيل الرئيس العراقي. وهكذا، كما يقولون «مسك رأس الخيط» وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين وامضى مباحثاته في واشنطن يناقش مع وزير خارجيتها، كولن باول، طرحا جديدا للعقوبات على العراق.

قال عرفات: الانتفاضة مستمرة. كلنا مع استمرار الانتفاضة... لكن حتى ماذا؟ والى اين؟ وماذا نفعل دوليا لنحمي الانتفاضة؟