تهون الأرض إلا (طابا)!

TT

هناك خلافات طويلة بين الدنمرك وكندا على جزيرة مساحتها كيلومتر مربع تقع في القطب الشمالي شمال جرينلاند. الجزيرة اسمها هانز، وهذه الجزيرة هي مصطبة جليدية ليس فيها حياة: لا حيوان ولا نبات ولا بنو آدم، فلا هي مكسب للدنمرك ولا هي خسارة لكندا، ولكنها كتلة جليدية دنمركية، ويجب أن يقف عليها علم الدنمرك عاليا شامخا وحيدا لأنه رمز السيادة والكرامة والاحترام!

وكانت عندنا نحن أيضا تجربة: طابا، وكان النزاع بيننا وبين إسرائيل وكنا لا نعرف طابا هذه، وكثير من الناس تصور أن طابا مساحتها ألف كيلومتر مربع، وقالوا بل مئتان، وقيل بل خمسون، والحقيقة أنها لا تزيد عن كيلومتر واحد، وهي مساحة من الكرامة والسيادة ولو كانت أقل من ذلك فهي أرضنا.

وأذكر أنني أجريت حديثا مع شيمعون بيريس رئيس وزراء إسرائيل وكان من رأيه أن نتصالح، ويا دار ما دخلك شر، ولا داعي للقضاء الدولي، ولكن الرئيس مبارك أصر على حكم القانون، فلو انحلت المشكلة مع حكومة بيريس، أي حكومة حزب العمل، فليس ذلك ملزما لحكومة الليكود أي المحافظين، ولكن القانون الدولي إذا فصل في هذه القضية، فلا راد لحكمه، وكان علينا أن نثبت أنها ملك لنا، وفي هذه الحال تقوم الحكومة الإسرائيلية بإقناع الشعب بأنها ليست لهم، وذهبنا كل واحد في طريق.

أنا ذهبت اجمع الكتب الجامعية والمدرسية التي بها خرائط، والخرائط تضع طابا خارج إسرائيل، ولم يأخذوا بهذه الكتب لأنها وجهات نظر بعض المدرسين والمطلوب وثائق تاريخية قديمة، وقد وجدناها في مكتبة «توب كابي» في اسطنبول، هذه الوثيقة كانت أقوى من كل الأوراق والخرائط التي إذا وضعناها على الأرض كانت اكبر من مساحة طابا.

بعض الحشاشين في إسرائيل كانوا يقولون: وايه يعني كيلومتر واحد، انتم عندكم سينا وهي مساحة هائلة، ماذا يجري لو تركتم لنا هذه المساحة الصغيرة التي لا تقدم ولا تؤخر؟

انها مساحة من السيادة، مساحة من الكرامة لا تهون، قال أمير الشعراء:

قد يهون العمر إلا ساعة

وتهون الأرض إلا موضعا

... إلا طابا!