دفعت وأنا «صاغر»

TT

أحبكم، ليس كثيراً تلاحظون ـ أو يلاحظ البعض منكم، لكي لا أصاب بداء الغرور أكثر مما أنا مصاب به ـ يلاحظ «بعض البعض» منكم أنني اكتب اغلب مقالاتي وكأنني اكتب مذكرات أو يوميات، أي أن أكثرها تدور حول تجاربي الذاتية، سواء كنت قد عشتها أو سمعتها أو قرأتها أو تخيلتها، وهذا صحيح إلى حد «مزعج ومريح» في نفس الوقت..

أولاً: لماذا هو مزعج؟!، انه مزعج لأنني كثيراً ما أورط نفسي أمام الجميع إلى حد يكاد يقترب من مرحلة الفضيحة ـ والحمد لله أنني لم اصل لها بعد ـ وهناك احتمال أكيد أنني قد اصل لها في يوم من الأيام، وساعتها لن تقرأوا لي ولا كلمة واحدة في أي مطبوعة في العالم لسبب رشيق وإنساني وبسيط جداً، لأنه في ذلك الوقت سوف يقام عليّ «الحد» لا رجماً، ولا قطعاً بالسيف لعنقي الذي تتسابق «كرفتتات» العالم ومعها «المشانق» لتطويقه، ولا كذلك رميا بالرصاص، ولا حرقا بالديزل، أو ذوبانا بماء الأسيد.. وإنما فعلاً سوف يقام عليّ «الحد» خنقا في غرفة ممتلئة بكل عطورات جميلات العالم.

نعم، سوف يقام عليّ الحد، وهذا هو بالفعل ما استحقه، وهذا هو ما هيأت نفسي إليه فعلاً من العام الأول والأخير من عمري غير المديد بما فيه الكفاية.

وكل ما حدثتكم عنه هو الشق المزعج من «لا قضيتي»، أما الشق «المريح» منها، فهو أنني حقاً ضاربها «زنوبّة» ـ وهي اقل وطأة وأخف ثقلا من «الصّرمة» التي كثيرا ما يتغنى بها إخواننا أهل الشام، خصوصاً ممن يردد منهم «العتابا والميجانا» وهم يشاهدون سيارات «البنز» المفخخة وهي تتطاير.

باختصار إنني إنسان «عجيب غريب» ـ بمعنى أنني مرتاح بإزعاجي، ومنزعج براحتي، اطلع من هذا لأدخل في ذاك، واخرج من ذاك لأدخل في هذا، وكأنني «فأر ومصيدة» في نفس الوقت، وهذا وضع لا يتأتى لأي إنسان إلاّ إذا كان على شاكلتي مخلوق من طين هو من بقايا رماد النار. أعود للواقع لا «للهجص»، ولو أنني أردت أن استمر بالهجص لقلت لكم: الله يرحم أبوكم قارنوا بيني وبين «سقراط»، فلست اقل جنونا وأنا «الشاويش»، من ذلك «العقيد» صاحب الدولة العظمى الذي أرغم الدكاترة والبروفيسورات من أنحاء العالم، أرغمهم بماله وجبروته أن يقارنوا بينه وبين «أفلاطون» ـ اشمعنى أنا؟!، هل لأنني أكتع، وأذني مقطوعة، وعيني زايغة، واللي على بالي «ما ينحكي»؟!

غير المفيد «بالمرّة» الذي سوف أقوله لكم اليوم: إنني لن أتخلى عن وضع نفسي أمامكم دائماً على طاولة المشرحة، بكل ما فيها من وقائع، ومفارقات، ومحزنات، ومفرحات، ومتناسقات، ومتشوهات، ومتأملات ومفجعات، وكل ما هو «آت، وآت، وآت».

إنني صادق، صدقوني إنني غير كاذب، أحبكم آه، ولكن ليس كثيراً.

[email protected]