الصحافي العربي والبارانويا الإسرائيلية

TT

قرأت بكثير من التعاطف مقالة الزميل نظير مجلي، مراسل هذه الصحيفة في تل ابيب، في تعرضه للمضايقات الأمنية اثناء محاولة اشتراكه مع الوفد الاسرائيلي في السفر الى واشنطن بصحبة وزير الخارجية الاسرائيلي لتغطية مهمته هناك.

لقد تعرضت لموقف مشابه قبل سنوات عندما ذهبت الى القدس مع وفد عالمي من المؤمنين باللاعنف اثناء مؤتمر جرى في هذا الصدد في الاردن. طلبت الشركة الاسرائيلية من نظير مجلي تفتيش حقيبته فقط. بالنسبة لي طلبوا مني نزع كل ملابسي لتفتيشها وتفتيش جسمي عاريا. لم اعتبر ذلك اهانة لي ولا واجهت اي خشونة من الشرطي الاسرائيلي. انا نظرت اليه كرجل غلبان ينفذ الاوامر. وكان ينفذها في كل أدب واحترام في الواقع.

وكنت اتفهم الحالة. فها هنا بلد معرض لاعمال عنفية وتعذر عليهم السيطرة عليها. وهي عمليات كانت تؤدي لاصابة العشرات.

سلطات الأمن مسؤولة عن منع ذلك وحماية مواطنيها. وقد وجدوا ان من واجبها تفتيش القادمين العرب للتأكد من عدم حملهم اي متفجرات او تعليمات او معلومات او معدات تساعد على مواصلة العنف. هذا شيء تفعله سلطات الأمن في اي دولة.

الحقيقة انني لبضع ثوان فكرت باحداث ضجة في رفض اطاعة اوامر الشرطي. انا صحافي بريطاني وعضو في وفد عالمي ضم اساتذة وعلماء بريطانيين وأميركان. كان بامكاني ان امتنع واثير ضجة. ولكنني لم افعل لأنني تفهمت الموقف. ولم ار من حقي ان اثير ضجة. انا انسان مؤمن باللاعنف وبالتالي اتفهم اي اجراءات تتخذ ضد العنف.

سأتخذ نفس الموقف لو ان شرطيا بريطانيا طلب تفتيشي كعربي ومسلم في هذه الايام التي تعرض فيها الانجليز لارهاب المتطرفين من اخواننا.

هذا وضع مؤسف وسيستمر طالما كانت هناك عمليات عنيفة او ارهابية ويجب ان نتقبل المضايقات بصدر رحب لا ان ننتظر من المسؤول عن الأمن والسلامة ان يتخلى عن واجباته، طالما لم يتجاوز حدود ذلك ويحول الموضوع الى اهانة مقصودة ومضايقة متعمدة.

بالطبع ربما يعتقد الآخرون غير ذلك ويرون في هذه المواقف فرصة للتعريض باسرائيل او اي عدو او خصم واحراج موقفه وكشف الوضع الظالم. هذه وجهة نظر اخرى، ولكنني من تلامذة غاندي اتفهم خصمي واسعى للتعامل مع موقفه من زاوية هذا الفهم. ايقاد شمعة خير من سب الظلام. ووضع حد للعنف واستبداله بأساليب الجهاد المدني خير من المخانقة مع المسؤولين عن منع العنف.