أندية وصالونات

TT

لا يمر أسبوع إلا ونقرأ خبرا عن نشاط ثقافي أو محاضرة علمية ثقافية أو لقاء ثقافي بشخصية مهمة تتحدث عن أهم ما قامت به. هذا غير المحاضرات المشغولة بمتابعة وشرح آخر الظواهر الاجتماعية ومحاولة إثارة الحوار حول المعاني والقيم التي تتعلق بها كالانتخابات البلدية، والمفاهيم الديمقراطية ومؤسسات المجتمع المدني، إلا أن كل هذا الجهد السابق الذكر هو نشاط صالونات ثقافية بدأت تشيع وسط المجتمع السعودي، مثل اثنينية عبد المقصود خوجة واثنينية ناصر القحطاني، وأحدية راشد المبارك، ومنتدى القطيف. أما للنساء فتجد صالون سلطانة السديري في الرياض، والملتقى الأحدي الشهري في الرياض وملتقى مها فتيحي في جده، وسارة الخثلان في الدمام.

ويظن المراقب وهو يسمع بهذا العدد غير المحدود من الملتقيات والمنتديات الثقافية، أن المجتمع السعودي يعيش طفرة ثقافية فاضت عن أسوار المؤسسات الثقافية وصارت تنافسها وتسرق النجومية منها، إلا أننا وبحسبة بسيطة نستطيع أن نعرف أن هذه الملتقيات الثقافية والصالونات النسائية للثقافة، التي لا يستطيع التصدي لها، إلا مقتدر واسع المال والطموح، ما هي إلا استجابة لعطش ثقافي راح يبحث عن قطرات ماء شحيحة يتبرد بها في قيظ الجدب الثقافي، وبسبب عزوف الأندية الثقافية والمؤسسات عن إرضاء طموح المثقفين والراغبين بحياة ثقافية تتسع لبعض المعارف والفنون.

مضطرا أخاك لا بطل، راح الناس يعوضون عن كسل المؤسسة الثقافية بالتجمعات الثقافية العامة داخل أسوار المنازل الواسعة، التي تفتح لهم أبوابها من دون شرط أو قيد نسبي طبعا أو بشروط حذرة وعاقلة تتوخى السلامة.

اليوم واستقالات رؤساء الأندية الثقافية تتصاعد، في تبريرات تنم عن إعلان الزهد بالمناصب لصالح العمل، ينبغي أن تراجع المؤسسة نفسها وعما قدمته طوال تواجد رؤوسها لتعرف إن كانت قد حققت بعض طموحها أم أنها خرجت كما دخلت.

يتعذر بعض مسؤولي الثقافة بأن حالهم مثل من ألقاه في اليم مكتوفا وقال له.. إياك إياك والبلل، وأن حظهم كدقيق فوق شوك نثروه ثم قالوا لحفاة يوم ريح اجمعوه، في إشارة لمهامهم الصعبة بل والمستحيلة، فهي من جانب تتطلب رعاية ثقافة تطمح للجمال والحقيقة، لا تتحقق في ظل الرقابة المشددة، ومن جانب آخر عليهم مراعاة رقابة تحاسب على كل تجاوز لخطوط حمراء عالية السقف، لم تعد تتسع إلا للمحاضرات الانشائية والدعوية والشعر العمودي المحدد القضايا.

لكن كيف يمكن أن يكون النادي الثقافي ناديا ثقافيا وهو لا يشتغل بالثقافة ولا يشيعها ولا يحرض عليها، ولا يتيح لطالبيها مجتمعا ولا مكانا ولا مسرحا، فيصبح العوض عنه مجالس خاصة لم تأت من فرط حماس نشيط، بل من فرط غياب لا يطاق.

[email protected]