40 ألف أسرة يحبطها التعليم العالي

TT

أحبطت وزارة التعليم العالي في السعودية بدم بارد طموحات أكثر من 40 ألف طالب وطالبة من المتقدمين لبرنامج الابتعاث للجامعات الأميركية، وأصابت أحلامهم بالجفاف بعد أن كانوا على بعد خطوات من النهر، حينما أعلنت إغلاق باب الابتعاث (مؤقتا) مكتفية بثلاثة آلاف طالب وطالبة من بين 46 ألف متقدم، ومبررة قرارها الغريب والمحير بالقول: «إن من يحصل على قبول في الجامعات الأميركية بعد هذا التاريخ لن يستطيع بدء الدراسة فعليا إلا في بداية الفصل الدراسي التالي، حسب التقويم الدراسي الأميركي»، وأنا لا أرى في ذلك ما يدعو إلى إيقاف الابتعاث إن كان ما ذكر يشكل السبب الوحيد، إذ ما الذي يمنع أن نمنح المتقدمين وقتا كافيا لاستكمال إجراءات القبول والتأشيرات اللازمة؟ خاصة أن القبول في الجامعات الأميركية لم يعد بالأمر السهل الذي يمكن تحقيقه خلال «كبسولة» الوقت التي تقدمها الوزارة مستقبلا.

وفي تقديري أن المسؤولين عن هذا البرنامج في وزارة التعليم العالي قد أداروا عملية استقبال طلبات المتقدمين عبر الموقع الإلكتروني المخصص بقدر كبير من الغموض وعدم الدقة، فأنا أعرف شخصيا أكثر من متقدم تلقى على بريده الإلكتروني خطابا من الوزارة يشير إلى أنه تم إصدار الضمان المالي الخاص به وتخصيص رقم للطلب، ولكن أين ذلك الضمان الذي تم إصداره؟ لا أحد يجيب على هذا السؤال حتى القابع خلف الرقم 4415555 لو قدر له أن يرد على المكالمة بعد اليوم السابع أو الثامن الاتصال المستمر فإنه يكتفي بالقول ان الضمان سوف يصدر قريبا، وهذه الإجابة ربما استمع لها الكثيرون.. وفي غمرة ذلك الانتظار القسري والمضلل الذي فرض على هؤلاء المتقدمين جاء قرار الوزارة المفاجئ بإغلاق باب الابتعاث، وعلى هؤلاء الطلاب أن «يبروزا» تلك الخطابات ويعلقوها في بيوتهم ذكرى انكسارات أحلامهم..

فهذا الحزن المنثور على أكثر من 40 ألف أسرة حلمت على مدى شهور بهذه الفرصة الرائعة التي تتيح لأبنائها وبناتها أن يتلقوا دراساتهم في أرقى الجامعات الأميركية، تتحمل مسؤوليته وزارة التعليم العالي من خلال عجزها عن إدارة هذا البرنامج، وكذلك لتأخرها في إصدار الضمانات المالية التي ترتبط بها كل الخطوات اللاحقة للحصول على القبول.

وكم أتمنى أن تعالج وزارة التعليم العالي إشكالية تعثر أدائها الوظيفي في هذا الشأن بإعادة النظر في قرارها، فتفتح الباب الذي أغلقته، كي يتمكن الطلاب من أخذ الوقت الكافي لإنهاء إجراءات قبولهم في تلك الجامعات والاستعداد للتسجيل في الفصل الدراسي الثاني، فلا شيء سيضير الوزارة من ذلك طالما أن الذين سيحصلون على القبول لن يغادروا الوطن قبل الموعد الذي تحدده الوزارة ذاتها، وبالتالي لن يكلفوها سنتا واحدا أكثر من الميزانية المقررة لتلك الغاية.. فهل تراهم يفعلون؟

[email protected]