يا الله صباح خير

TT

في الساعة السابعة إلا ربع صباحا، وعلى مطلع الطريق الدائري السريع سمعت طائرة الهيلوكابتر تحلق فوق رؤوسنا قلت «يالله صباح خير»!. كانت السيارات تتزاحم، كل مقدمة سيارة تصطك بالأخرى، وتنذر بصباح على غير عادة الطريق الدائري مزدحم، لنكتشف بعد ربع ساعة أو تزيد أن مصدر الزحام سيارتان اصطدمتا ببعضهما ثم أزيحتا إلى جانب الطريق، فما الذي دعا لكل هذا الازدحام؟. هل هو تأخر سيارات شرطة المرور التي يشكو من تأخرها كل الناس عادة أم أنه الفضول الذي جعل كل السيارات تتمهل كلما مرت بجانب السيارتين تراقب بعيون جائعة المشهد على مهل؟

ما أن تجاوزنا الحادث حتى انفتح الطريق سريعا على اسمه. في الزحام رحت أرقب الطريق الذي أبدأه عادة بتمشيط شعر طفلتي التي تلبس ملابسها في السرير وأمشط شعرها في السيارة وأغسل وجهها من نعاس النوم من برادة الماء بجانب فصل روضة الأطفال، قبل أن تدخل بدقيقة، كل الوجوه في السيارات تشبه وجه ابنتي نائمة. أفاقت وبقى بعض النعاس على وجهها، في السابعة صباحا في الرياض يسهل العثور على وجوه لم يغسل الصحو بعد مزاجها، ولم توازن القهوة والشاي اعتدالها. وجه الشاب الصغير وهو يقود سيارته الهايلوكس متجه لمدرسته وشاربه للتو لم ينبت، وعيناه ، ترعي نوافذ سيارتنا التي انكشف زجاجها بضوء الصباح، فتركنا عريها مرعى لجيران الشارع يتفرجون على مهل. اعتدنا في الرياض وضع إما ستائر من قماش أو تضليل أسود متفاوت الشدة على زجاج السيارة، يحلو للمراهقين دائما جعله أسود كالليل. نسيت أن أحمل معي جريدة الصباح، فرحت أتصفح الوجوه في السيارات. في الساعة صباحا حيث مررت اليوم وفي سيارات معبأة بالأطفال الذاهبين للمدرسة، يندر وجود الآباء والأمهات، السائقون والخادمات يتولون المهمة، وقبل أن أدين أحد أذكركم أن زوجي مثل معظم الآباء نائم في سريره، وتركونا لآبائنا الجدد من الفلبينيين وأمهاتنا من الفلبينيات. وحدهما وجه أب وابنه في احدى السيارات، وجهان يقظان يتبادلان حديثا بصحو صباحي منعش، كانا من الشام الشقيق، وحدها سيدة محجبة دون غطاء للوجه تجلس بجانب زوجها يتحدثان، عدا هؤلاء كانت السيارات وسط الزحام ممهورة بسائقيها الفلبينيين وخادماتهم الفلبينيات. جاورتنا سيارة شاب في الزحام، مشى طوال ربع ساعة بمحاذاتنا، لكنه قبل أن يأخذ المخرج البعيد انتبهت انه يكثر الالتفات ويلصق على زجاج نافذته قطعة ورق طويلة كتب عليها أرقام هاتفه الجوال، كأن يأمل طوال الطريق قبل أن يأخذ مخرج السيارة البعيد، أن يكون عقلي قد حفظها، كانت الساعة لم تتجاوز بعد السابعة النصف، وأنا أقول «يا الله صباح خير».

[email protected]