الملك والشباب

TT

ربما غنيٌ عن القول إن مقابلة الملك عبد الله بن عبد العزيز التي أجراها مع المذيعة الأميركية باربرا ولترز الاسبوع الماضي، كانت محط أنظار السعوديين قبل الأميركيين. والسبب بديهي، كون المقابلة أول حوار يجريه خادم الحرمين الشريفين منذ توليه الحكم.

حوار الملك قدم خطوطاً عريضة لسياسة مستقبلية. الملمح الأبرز فيها، أن الخطاب لم يكن موجهاً للعالم الغربي فقط، بل لجيل شاب في السعودية أيضاً، يجب أن يتحمل مسؤوليته في بناء الوطن. مسؤولية قوامها الفهم الصحيح للإسلام والأمن والانفتاح على الآخر والتعليم.

وتطرق الملك في الحوار للشباب ومشكلاتهم، من بطالة واستغلالهم في القيام بأعمال إرهابية. وهي ليست المرة الأولى التي يبدي فيها خادم الحرمين اهتماماً بمتطلباتهم. ولعل أهم هذه المبادرات كانت تخصيص احدى دورات مركز الحوار الوطني الذي أنشأه لقضايا الشباب. والتي حوت جنباته مشاركين ومشاركات صغار السن من مختلف مناطق المملكة. وتنوعت فيها الآراء بشكل لافت وجريء من قبل الشباب، ورحابة صدر من قبل القائمين على المركز.

يقول ماجد الحربي: «حوار الملك عبد الله بدا مريحاً الى حد كبير، ومنفتحاً وبسيطاً في الاعتراف بالمشكلات والتأكيد على السعي لحلها. شخصياً أفهم صعوبة عملية التحديث التي ينوي القيام بها الملك عبد الله، وفي نفس الوقت مؤمن بنجاعتها لأنها ستخاطب عقول شابة من السهل عليها مواكبة التغيير».

والحال أن لابد من الاشارة الى أن مؤتمر الحوار الوطني آنف الذكر، أشار الى توصيات بمنتهى الأهمية ما زالت تنتظر التنفيذ، بلغت ثلاثين توصية، أهمها ايجاد حلول لمشكلة البطالة، وتشجيع التواصل بين الشباب بمختلف توجهاتهم والمواطنة وتضمين ما يعزز حبهم الوطن والانتماء اليه في الخطاب الدعوي واشراك الشباب في قيادة المؤسسات المجتمع المدني، والتوسع في استخدام وسائل التعليم الحديثة..الخ.

تقول ابتهال حسّان احدى المشاركات في ورش العمل التي سبقت الحوار الوطني الرابع: «اعتقد أن المستقبل سيحمل الكثير للفتيات السعوديات، وتنويه الملك عبد الله للدور الذي يمكن أن تلعبه المرأة مثير للاهتمام. وتأكيده على أن الصبر طيب، يعني وعي القيادة بمتطلبات المرحلة.. أنا متفائلة».

الأكيد ان الملك عبد الله، ملك متطلع. والأكيد أيضاً، أن ملف الشباب والفتيات في السعودية معقد وبحاجة الى جهد كبير. الجامعات يجب أن يعاد النظر في مناهجها وأساليبها التربوية. وأنشطتها يجب أن تفعل، وأن تعطى مساحة أكبر للطلاب والطالبات في التحرك والتحاور والعمل. واحتكار البعض للجمعيات الطلابية وفرض وصايته على توجهاتها يجب أن ينتهي. والمدارس يجب أن تنقى من التوجهات الفكرية الأصولية التي ربما لا تنتج ارهابيين، ولكنها بالتأكيد في بعض الحالات تتسبب في تطرفهم، وتجعل عقولهم أرضاً خصبة لبذر ما لا يحمد حصاده عندما يونع.

الملك عبد الله عندما سألته المذيعة عن دافع الارهابيين، أجاب أنه «الجنون والشر»، هو كذلك. وهي أيضاً الرغبة في وقف نمو ونهضة دولة ما فتئت تواصل تطورها. ورغبة في تعطيلها عن اللحاق بالركب العالمي الذي غدا عماده الحرية والعدالة والمساواة، التي لا توجد في قاموس الارهابيين بالطبع.

السعوديون متحمسون حتماً للقادم من الأيام. وإن كانوا مندهشين من حجم الأضواء المسلطة عليهم من قبل العالم أجمع. ولكنهم لن يلبثوا طويلاً حتى يعتادوا التعايش مع هذا الواقع الجديد. واقع

[email protected]