صورة الشيطان بقلم شيطان!

TT

صاحب هذه الكلمات والأوصاف للشيطان ليس الرئيس الأميركي بوش.. يقول في الصفحة الأولى من الكتاب: إن الشيطان يسكن بين الأخشاب في المدن القديمة، ويسكن جذور النباتات، ويسكن الكهوف والبيوت المهجورة، كان ذلك فيما مضى، أما الآن يسكن عيون النساء وشفاههن، ووسيلته وقوته هي الألوان والأصباغ والنظرات والعبرات، والشيطان يظهر على كل شاشات التليفزيون وفي الطائرات والصواريخ والمدافع، ومع قوات الاحتلال وفي السجون يلتقي المظلوم والظالم.

أما شكل الشيطان: فله عينان مسحوبتان طولا وعرضا وشعره أشعث أو يتدلى على كتفيه، والشيطان يسكن الإنسان أيضا، ولذلك يحاولون إخراج الشيطان بالموسيقى والطرب أو بضرب المسكون أو ضرب الأرض أمامه وهم يصرخون قائلين: أخرج يا ملعون!

أما هذا الكتاب فعنوانه «أخرج يا ملعون»، ويقال إن هذا الكتاب من تأليف الرئيس صدام حسين، ولو شاء المؤلف الرئيس أن يضيف إلى صفات الشيطان القديمة صفات أخرى لنظر إلى نفسه في المرآة، فسوف يجد الشيطان أنيقا رشيقا إذا مشى تبختر في مشيته، فالرئيس الشيطان كان هو الفتى (المعجباني)، ولكن الرئيس الشيطان المؤلف لم يتسع وقته لأن يرى أحدث صورة لستالين وهتلر ونيرون وإبليس!

وهذا الكتاب محاولة ساذجة لحكاية تاريخ اليهود. فسيدنا إبراهيم في هذا الكتاب عنده ثلاثة أولاد: حسقيل ويوسف ومحمود، وقد وضع كل الشرور في حسقيل، فهو كذاب سافل حقير متآمر وجواهرجي يبيع الذهب ويشتري به الناس.

وفي الكتاب تعبيرات غريبة مثل: يقال إن فلانا بخيل لدرجة أنه لا يتبول على جرح، فقد كان الناس ولا يزالون يتداوون بالبول، والشاعر العربي يتحدث عن البخل فيقول:

قوم إذا استنبح الأضياف كلبهم

قالوا لأمهم بولي على النار!

شيء عجيب: فكل الطغاة الذين يحتقرون الأدباء والمفكرين يحاولون أن يكونوا مثلهم يكتبون ولا يحاولون أن يجعلوا المفكرين يحكمون مثلهم. وصدام حسين ليس استثناء في هذه القاعدة، وهو مؤلف رديء وحاكم أردأ!