صدام حسين: الادعاء والدفاع

TT

كل هذه الاتهامات التي قدمها المدعي العراقي تافهة في رأيي وكل هذا الدفاع الذي يقدمه محاموه هو ايضا تافه في رأيي مقتل ثمانمائة شيعي وخمسة آلاف كردي في حلبجة جرائم ولكنها جرائم قام بمثلها بعض من الحكام الآخرين. الانجليز ايضا استعملوا الغازات السامة في قتل الاكراد في العشرينات. الجريمة الحقيقية التي ارتكبها صدام حسين هي انه قتل العراق. هذه الحالة المزرية التي يعيشها العراق الآن كلها من ثمار اعماله.

يا حضرات المحكمة، كان هذا البلد امرأة عذراء طاهرة، تعتبر الرشوة والاختلاس عيبا وحولهما صدام باستباحته لهما شيئا طبيعيا. كان الوزير لا يجرؤ على مد يده الى فلس من اموال الدولة بدون اذن من وزارة المالية ومقابل وصل مصدق يقدمه الى الحسابات العامة. حول هذا المتهم اموال الدولة الى ذبيحة يتقطع منها ما يشاء كل من هب ودب.

كان المثقف العراقي يعيش عيشة الكفاف عزيزا، زاده وشرابه ايمانه برسالته وافكاره، وحوله هذا المتهم الى مرتزق لا يؤمن بشيء أو رفع انظاره اليهما، لا يقوم بشيء بدون دهن يده بالدولارات.

كانت المرأة العراقية ملكة لا يجرؤ احد على مد يده اليها وحولها هذا الرجل الى شحاذة تستعطي من الغرباء وتبيع عرضها بالرخيص.

كان العراق بلدا مهيبا، حارسا البوابة الشرقية يتطلع كل العرب اليه والى يده الضاربة، وحوله هذا المتهم بزجه البلاد في حروب رعناء الى بلد اعزل لا قدرة له على رد شراذم صغيرة من الافاقين الاجانب.

يا حضرة المحكمة لقد اقترف هذا المتهم ابشع جريمة، جريمة الباتريسايد، قتل الوطن واطالب بايقاع اقصى عقوبة عليه وهي الاعدام بشنقه. هذا ما سأقوله لو كنت المدعي العام. اما لو كلفت بالدفاع عنه، فهذا ما سأقوله دفاعا عنه:

يا حضرات المحكمة التاريخ المأساوي للبشرية مطرز بالمجانين الساديين الذين ادموا شعوبهم وبلدانهم من نيرون الى كاليغولا واخيرا هتلر.. هذا واحد منهم.

عاش طفولة مشردة معذبة مستباحة تجدون تفاصيلها في الملف امامكم. ولكنه لم يكن من الاطفال المتخلفين. تميز بذكاء نادر. ولكن ذكاءه اختلط وتشوه بالنزعات المنحرفة التي ترتبت على طفولته وتربيته وبيئته. وعندما شب وكبر انتابته نوبات من جنون العظمة التي يسمونها في الغرب بالميغالومينيا وبحب تعذيب الاخرين المعروف بالسادية. امتزج كل ذلك بخيوط من البرانويا ترتبت على هذه الخلطة من الجنون الجرائم التي وقع فيها هذا الرجل بدون عقل او شعور بالمسؤولية. انه سايكوباتي لا يميز بين الخير والشر.

يا حضرة المحكمة ارجو رد الدعوى لانتفاء المسؤولية واختلال القوى العقلية للمتهم والحكم بايداعه في مستشفى للمجانين مع اتخاذ الاحتياطات اللازمة لحماية بقية المجانين منه والحاق المستشفى بالجامعة العربية.