قطيع

TT

يتعرض وزيــر الـثـقـافـة والإعلام السعودي هذه الايام الى حملة مسعورة من اصحاب الحواجب المعقودة، والعيون الحمراء والأصوات الغليظة، وهي مجموعة من الاصوات التي يعرفها المجتمع السعودي جيدا، فهي عادة ما تتبع سياسة القطيع، يتبنى شخص ما موقفا بعينه ويبدأ بإرسال الرسائل ونشر المقالات، ويدعو «الناس والأقوام» الى القيام بالإنكار على الشخص المعني، والدعاء عليه والتحذير منه، وطبعا كل هذا الدجل والشعوذة والهرطقة تتم باسم الدفاع عن الدين وقيمه الفاضلة، مع استخدام اوقح العبارات والأوصاف ضد الشخص المعني. وهذه الايام اختار القطيع المشار اليه آنفا شخصية وزير الثقافة والإعلام الذي يحاول طرح برامج تطويرية جادة لانتشال بعض الاعلام السعودي عموما من التشدد والتطرف وكهوف الجهل، التي اصابته وأثرت سلبا عليه. وبدأ بتقديم برمجة متنوعة تخاطب الثراء الموجود في المجتمع السعودي، وتتجاوب مع رغباته وطموحاته وتطلعاته، ( هذا كل ما أقترفه من ذنب!).

ولكن هذه المجموعة لم تتعود أبدا على التعامل بسياسة الرأي والرأي الآخر، ولا علم لها بالحوار وأدبه، وكل ما يملكون هو مبدأ «دعني أدق عنقه»، والتجريح غير المعقول في شخص المقصود وشرفه وعرضه وأخلاقه، والطريف أن كل ذلك يتم تحت مظلة حماية الدين والغيرة، وكأن لديهم وكالة حصرية للاسلام وتصريحا بالحديث باسم الله على الارض. وطبعا ما حدث للوزير السعودي ليس هو الواقعة الوحيدة التي شــهدتهـا الـساحــة السعودية خلال هذا الشهر الفضيل، شهر رمضان الذي تحبس فيه مردة الشياطين، ولكن واضح أن صغار الشياطين منطلقون وأحرار.

فها هو الكاتب السعودي عبد الله بن بجاد يتعرض لسيل من الشتائم والقذف والسباب، لإقدامه على كتابة نصوص تلفزيونية تكشف وتوضح وتنتقد الاسلوب المرهب المحقر الذي تتبعه هذه الجماعات لإرهاب الناس وقتلهم، ونفس الشيء قام بعمله ناصر القصبي وعبد الله السدحان في مسلسلهما «طاش ما طاش»، الذي نجح هذا العام في حلقة «سلطة الجماهير»، هذه الحلقة المميزة في كشف الاساليب الملتوية التي تستخدم لتحقيق المكاسب في سوق الفتاوى الجماهيرية، التي عادة ما تقدم بأسلوب «الجمهور هيك بدو»، حتى لو كان كل ذلك يقدم بصورة ناقصة ومضللة.

الاسلوب الهمجي في الاعتراض موجود في كل انحاء العالم، وليست هذه هي المصيبة، ولكن تبقى المصيبة قائمة حين الاعتقاد أن هذه العينة لها الجرأة أن تعتقد أنها قائمة على الفضيلة والشرف والدين وتجد من يصدقها.