أهلا بالـ «بي. بي. سي».. ولكن

TT

قرأت مقالي الاستاذين عبد الرحمن الراشد وعادل درويش حول تلفزيون «بي. بي. سي» باللغة العربية. المقالان كانا احتفائيين بالقناة، او قل مرحبين بها، الى حد دفع الراشد للقول إننا في الإعلام العربي في حاجة لمصحات إعلامية. وانا اوافقه على ذلك، نعم نحن بحاجة لمصحات إعلامية خصوصا تلفزيونيا.

إعلامنا العربي، المرئي بالذات، يعيش لحظة مراهقة منفلتة، ولا أحد يعترض. خذ مثلا ما ورد في تقرير ميليس عن شريط أبو عدس الذي تبنى اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل الشهيد رفيق الحريري، وكيف تعاملت قناة «الجزيرة» مع الشريط، والصور المصاحبة له وعدد مرات العرض. فلم نقرأ أو نسمع من يعلق على ما ورد في تقرير المحقق الالماني حول قناة أبو عدس.

ولذا اقول إنني اضم صوتي لصوت الكاتبين مرحبا بالقناة العربية للتلفزيون البريطاني، ولكن شريطة ان نرى او نعرف أولا من سيقوم بإدارة المحطة ؟ وهنا مربط الفرس! فاذا اردناها مصحة اعلامية تحمينا من أمثال قناة أبو عدس، ومنقاش، نأمل ان يكون القائمون عليها أهلا للمسؤولية الإعلامية، لا أن تكون دكاكين تفتح فتزيد على ما لدينا من دكاكين تعج بالبضاعة البائرة الفاسدة.

اليوم لدينا حراك في الوسط الاعلامي من ناحية الأسماء والوجوه، لكن الحراك الفكري بطيء بشكل كبير. تتغير الوجوه ولا يتغير الفكر. مللنا من إعلام يقول لنا إن كل مصائبنا من اليهود وأميركا، ومللنا من إعلام يقول: لا تغيير في المنطقة حتى تحل «قضايا الأمة المصيرية»، ومللنا من إعلام تصفية الحسابات.

السماء العربية تعج بالفضائيات الخبرية، لكننا وقعنا في ورطة محطات من نوع آخر حيث بات لدينا إعلام فضائي مؤدلج. رأينا قناة حزب الله «المنار»، ورأينا قناة «المجد» المملوكة لسعوديين، واليوم فقط تفرجوا على بعض القنوات العراقية التي وصفها أحد المسؤولين العراقيين بانها تحولت الى حسينيات. وفي نفس الوقت لدينا قنوات تصفية الحساب مثل قناة أبوعدس. وقبل هذا وذاك كان الناس ينفرون من القنوات الرسمية.

لذا نقول اليوم أهلا بفضائية الـ «بي. بي. سي» العربية، في حال اختارت ان تكون قناة إعلامية حقيقية تكتسب منهجها من سمعة المؤسسة البريطانية نفسها. اما اذا تركت ادارتها لإعلاميين عرب من النوعية التي نعاني منها في بعض محطاتنا، ومؤسساتنا الإعلامية العربية، ليديروها حسب توجهاتهم الآيديولوجية، ويتخذوا منها منبرا لتصفية الحسابات الشخصية والإقليمية في المنطقة.. فنقول لا أهلا ولا سهلا، فلا نريد مزيدا من المحطات فلدينا الكثير منها، وانما نحن في حاجة الى إعلام حقيقي.

نحن نعاني اليوم ممن يتحدثون بازدواجية، فعندما يتحدثون للـ«سي. إن. إن» يقولون «الإرهابي» اسامة، وعندما يظهرون على «الجزيرة» يقولون «الشيخ» اسامة، ثم نجد انفسنا امام ازدواجية محطة تلفزيونية لا افراد.

[email protected]