إيران تضيع فلوسها

TT

تفيد التقارير من العراق بأن ايران تنفق اموالاً طائلة الآن على بث نفوذها في جنوب العراق املا بالطبع للسيطرة على هذه المنطقة وبالتالي ضمها اليها تحقيقاً لنوايا تاريخية واقتصادية واستراتيجية. يجب ان نتذكر انها لم تعترف بالعراق كدولة حتى عام 1932 تحت ضغط كبير من بريطانيا. اما المصالح الاقتصادية فتشمل النفط والزراعة وعوائد شط العرب والسياحة الدينية لكربلاء والنجف. السيطرة على جنوب العراق ستحل لها مشكلة شط العرب حلاً نهائياً. المصلحة الاستراتيجية انها ستفتح الابواب امامها نحو الجزيرة العربية والبحر المتوسط.

انه حلم يغريها ولكنه ابعد ما يمكن عن التحقيق. لن يسمح لها الغرب ولا اسرائيل بتحقيقه. بلغ انتاج ايران النفطي 4.09م/ب «مليون برميل» عام 2004 وانتاج العراق 2.03م/ب ولكن المفروض في العراق ان ينتج ما يقرب من اربعة ملايين برميل في الظروف الطبيعية. ضم العراق الى ايران سيعني تحويلها الى ثاني قوة نفطية في الشرق الأوسط بعد السعودية. ولكن السيطرة على العراق ستمكنها من تهديد الاحتياطي النفطي لمنطقة الخليج. ايران مع العراق تملكان ما يقرب من خمس الاحتياطي العالمي. ولكنها اذا استطاعت السيطرة على احتياطيات الخليج ايضا ستتحكم في ثلثي احتياطيات العالم.

لن يسمح الغرب بمثل هذا الوضع، ولا سيما في اطار التوجه السياسي المعادي للغرب واسرائيل في طهران حاليا وتبنيها لمنحى التشدد الاسلامي الذي تبنته ايضاً. وردت انباء قبل ايام عن وجود نحو 25 رائداً من رواد القاعدة في ايران بينهم ثلاثة من اولاد بن لادن. وذكر التقرير انهم يقومون بنشاطهم وحركتهم بحرية، إن لم يكن بدعم من المسؤولين. يزيد من مخاوف الغرب واسرائيل سعي ايران للحصول على قدرات نووية وصاروخية. لقد هدد توني بلير أخيرا باستعمال القوة ضد ايران. اعتقد ان هذا ما سيفعله الغرب اذا حاولت طهران تحقيق مطامحها في جنوب العراق ومن ثم قلب التوازن الاستراتيجي في المنطقة. بالطبع سيحاولون اولاً استثمار روح المعارضة المتفاقمة في ايران في قلب النظام الحالي، وبعين الوقت قلب التوجه الحالي في العراق الجاري نحو التجزئه الاقليمية والتقرب لإيران. هذا ما يجعلني أعتقد ان ايران تضيع فلوسها على هذا السيناريو. تضيع فلوسها ايضاً على برنامجها النووي كما ضيع الاتحاد السوفياتي فلوسه نحو نفس المسعى العسكري. فحتى اذا نجحت ايران في صنع اسلحة نووية فانها ستجد نفسها على المستوى العملي غير قادرة على استعمالها. هذا ما وجدته سائر الدول النووية. انها مضيعة فلوس. يظهر ان نفس الاحلام الامبراطورية التي راودت صدام حسين تراود الآن بعض المسؤولين في طهران.