صدام في المنفى..!

TT

من الظلم للحقيقة وللتاريخ، القول إن صدام حسين قد وافق على التنحي عن السلطة، وإنه كان سيفعلها حقا بعد مبادرة الشيخ زايد بن سلطان رحمه الله ويعيش في المنفى. ربما كان صحيحا أن صدام حسين قد «قال» ذلك وانه نقل مثل هذه الرسالة، لكن الصحيح أيضا أن صدام كان يكذب وكان يماطل وكان يحاول أن يشتري الوقت..!

صدام حسين ليس هو الشخص الذي يتنازل عن الحكم، تاريخه يقول ذلك وسلوكه مع معارضيه، وتقارير الذين يعرفونه تؤكد أن آخر ما يمكن أن يفكر فيه هو التنازل عن الحكم..!

كلنا يتذكر أن وزير الصحة العراقي أثناء اشتداد الحرب العراقية الإيرانية تم تقطيعه ووضعه في كيس قمامة في منزل عائلته، لأنه اقترح في اجتماع للقيادة فكرة إعلان صدام «التنحي المؤقت»، من اجل وقف الحرب التي أكلت الأخضر واليابس، وصدام كانت لديه قناعات بسبب جنون العظمة أنه قادر على مواجهة أميركا، وعندما تحرك باتجاه ايران كان يعتقد أنه سيهزم الإيرانيين، وعندما احتل الكويت كان يظن أنه لن يخرج، وأن هناك أمرا واقعا سيسلم به الجميع.

صدام حسين في محاكمته الأخيرة ما زال يعيش وهم انه رئيس العراق رغم كل ما حدث، والأشخاص المصابون بجنون العظمة يعتقدون أنهم أذكى من الجميع، وأنهم يمكن أن يفرضوا شروطهم على العالم كله..!

عندما كان أمير الكويت في آخر زيارة له للعراق، التفت صدام إلى أمير قطر في ذلك الوقت وقال: «إذا حدث لي مكروه فان أولادي أمانة عند أخي الشيخ جابر»، وبعدها بأشهر كانت دباباته في قصر أمير الكويت، وكلنا يتذكر الشكوى المريرة للرئيس المصري حسني مبارك عن كذب صدام لأكثر من مرة، وشخصيا استمعت إلى الراحل الملك حسين بن طلال وهو يتحدث عن أن صدام أعطاه تطمينات بعدم غزو الكويت، لكن الأمور «تدهورت بسرعة» كما يقول الملك حسين.

ما قيل عن موافقة صدام على التنحي ربما كان صحيحا، لكن بالضرورة جزء من حفلة التذاكي، ومسلسل الكذب، فأشخاص مثل صدام لا يتنازلون عن أبسط امتيازاتهم، فكيف يمكن أن يتنازل عن السلطة..!