اربعائيات .. درس من برزان..!

TT

رسالة برزان التكريتي التي يطلب فيها من القيادة العراقية، ومن عدد من الزعماء العرب استرحاما وعفوا ومغفرة، هي درس لكل متجبر مستهتر، أعمته الدنيا وجبروت السلطة عن التفكر والتدبر في حال الدنيا وتحولاتها..!

القاتل المحترف، في رقبته دماء كثير من الأبرياء، كان مديرا للاستخبارات العراقية فطغى وتجبر، ولم يكن يأبه بحياة إنسان، أو كرامة بشر.

القاتل المحترف دارت عليه الدوائر، فأصبح سجينا ذليلا يسترحم الناس بعد أن كان لا يستمع لأنات ضحاياه، ولم يكن تعنيه دماء كثيرة في عيون أمهات كثيرات، ولا حرقة في قلوب أطفال فقدوا آباءهم في مقابر جماعية ومذابح جماعية وحروب موت جماعية..!

اللهم لا شماته. ولا يمكن لإنسان أن يفرح بعذاب إنسان وبمرض إنسان، لكن ماذا بشأن الضحايا الذين تساقطوا على يد من يطلب المغفرة، وإذا كان الرئيس العراقي جلال الطالباني يؤيد الرحمة من منطلقات عديدة من بينها «العلاقة الخاصة» بين أسرته وأسرة برزان التكريتي، فهل سمع الرئيس العراقي رأي ضحايا برزان التكريتي، وهل يستطيع أن يختزل ويختصر كل هذا الفعل الدامي الذي استمر لعقود كثيرة، تحول فيها العراق إلى سجن كبير ومنفى كبير، ومقبرة جماعية كبيرة بتبريرات شخصية مهما صدقت النوايا..!

الظلم ظلمات..! وبرزان التكريتي الذي كان يعذب ضحاياه ويقتلهم، وأحيانا يرميهم للحيوانات المفترسة كما كشفت الوثائق والأفلام بعد سقوط صدام، هو سجين يحميه القانون، لديه محامون، يستطيع الدفاع عن نفسه، لديه عنوان، يستطيع ان يخاطب الناس بما فيهم الرؤساء والملوك، لكنه طيلة سنوات حكمه كان فظا غليظ القلب، يختطف الناس ويعذبهم ويقتلهم، بلا محاكمة، بلا إنسانية. يختفي الناس ولا يجوز السؤال عنهم، يسجنون ولا يجوز زيارتهم، يقتلون ولا يجوز إقامة مجالس العزاء على أرواحهم..!

رسالة برزان درس كبير للطغاة الكبار. والطغاة الصغار ولكل المتجبرين والمستهترين بالإنسان.