واجهوا الموت

TT

بيان تنظيم «القاعدة» الأخير حول الدبلوماسيين المغربيين يهدد الدبلوماسيين العرب، ويطالبهم بالخروج وعدم الحضور للعراق وإلا واجهوا الموت. والحق أن على الدبلوماسيين العرب أن يواجهوا الموت، ما دام الزرقاوي قرر أن يواجه الموت من أجل كسب معركته. فالمعركة هي من أجل الحياة، وبالتالي لا بد من مواجهة الموت، وكسب هذه المعركة، خصوصا أن المواطنين العراقيين، نساء ورجالا وأطفالا، يواجهون الموت يوميا ويستهدفون بشتى أنواع الغدر.

صحيح أن الدبلوماسيين العرب سيواجهون صعوبات بالغة في بغداد، لكن ترك الملعب للزرقاوي وأمثاله من الإرهابيين سيكون اشد خطرا على العراق وجيرانه، والمنطقة كلها. وندرك انه لا مجال للمزايدة هنا، لكن كلنا يعرف أن جزءا من مهمة الدبلوماسيين، في كل دولة، مواجهة الصعاب، ومن ضمنها خطر الاستهداف والموت. وسبق أن قتل دبلوماسيون في دول آمنة ومستقرة بدافع الجريمة، أو تصفية الحسابات بين دول وأخرى.

ولذا فالامتناع عن إرسال الدبلوماسيين إلى بغداد فيه تحقيق لرغبة «القاعدة»، ويعطي انطباعا للعراقيين بأن لـ«القاعدة» اليد الطولى في بلاد الرافدين، وهذا أكثر خطورة من كل المخاطر التي من المحتمل أن يواجهها الدبلوماسيون في بغداد.

في معركة الحياة تصبح مواجهة الموت أمرا حتميا، خصوصا أننا في العالم العربي لا نفيق على خطورة الأوضاع، إلا عندما يمسنا الضرر مباشرة. أحس المصريون بقهر المواطنين العراقيين العاديين بعد مقتل سفيرهم إيهاب الشريف في بغداد على يد «القاعدة». والأمر ذاته حدث مع الجزائر، واليوم نرى علماء المغرب يخرجون عن صمتهم حيال ما يحدث في العراق، بعد أن رأوا حجم الغضب المغربي على إرهاب «القاعدة»، وهي تحتجز مواطنين مغربيين في بغداد، حيث خرج العلماء ليقولوا صراحة ومن دون مواربة «لعنة الله على القاعدة ومحاكمها».

في مواجهة الإرهاب لا توجد حلول وسط، فالإرهاب ليس سياسة يرد عليها بالمبادرة والتحاور والإقناع، ولا هي معركة بين جيشين يتم التعامل معها بالتحايل والمناورة. الحرب مع الإرهاب مواجهة بين دول وأشباح، نحتاج فيها إلى الحسم بالقول والعمل، وعدم التهاون. ومن الضروري أن نذهب إلى أقصى مدى حيثما شعرنا أن تلك الأرض مسرح لمحاربة الإرهاب.

هناك من يقول: «إذا كانت المشكلة في توفير أماكن آمنة للدبلوماسيين العرب، فعلى الحكومة العراقية أن تتحرك وتمنحهم مساحة في المنطقة الخضراء، وذلك بالتعاون، بالطبع، مع الأميركيين».

لكن على العرب أن يسألوا أنفسهم سؤالا مهما، وهو: هل يريدون إرسال دبلوماسييهم ليكونوا سجناء دورهم؟ أم يريدون منهم دورا فاعلا في أوساط العراقيين بمختلف مشاربهم، خصوصا أن هناك من يفعل ذلك صباح مساء، وعلى وجه التحديد الإيرانيون. المنطق يقول واجهوا الموت، مثلما أن الزرقاوي قرر أن يواجه الموت.. إنها معركة الحياة لكم وللعراقيين.

[email protected]