هل كانت مسرحية رئيس أبله.. وعراقي محتال..?

TT

كنا أغبياء عندما سمحنا لرئيسنا الأبله، ومعه لمحتال عربي، بخداعنا في قضية حياة أو موت.

ربما لا يكون هذا الحديث مثيرا للاهتمام كقضية في حملة انتخابات الرئاسة السابقة في نوفمبر (تشرين الثاني)، إلا ان الديمقراطيين الذين أيدوا غزو العراق، ويعارضون الآن النتائج المترتبة عليه، بدأوا الآن إبداء بعض الاهتمام به. لهؤلاء أقول: تصبحون على خير، وحظا سعيدا.

لا تعرف أميركا الكثير حول بناء التحالفات والحملات قيد الإجراء الآن قبيل الانتخابات العراقية في ديسمبر (كانون الأول) المقبل. هذه العملية تمثل أفضل فرصة لخفض عدد القوات الاميركية في العراق وتقليص الهيمنة السياسية غير الضرورية هناك. بمعنى آخر، ذر الرماد على عيون الناخبين الأميركيين لا يؤدي سوى الى نتائج سلبية.

هناك الكثير مما يمكن انتقاده وإعادة النظر فيه فيما يتعلق بالحرب في العراق والاحتلال فيما بعد. من الساسة الذين درجوا على اتباع هذا النهج وعلى نحو مسؤول، السيناتور الجمهوري تشاك هاغيل، الذي يعتقد انه لا يزال بالإمكان كسب الحرب، فقال: «اذا كان تعريف الانتصار هو إقامة بلد حر ومستقل يحكم نفسه بنفسه في العراق، فأعتقد ان ذلك لا يزال ممكنا. إلا ان خيارات اميركا في التأثير على سير الأحداث بغية الوصول الى هذا الهدف ستذهب أدراج الرياح اذا لم تحدث التغييرات اللازمة للوصول الى هذه النتيجة».

التغييرات في نظر هاغيل تتمثل في سعي واشنطن الجاد لوقف العزلة المضروبة حولها في العالم العربي واستغلال العراق في إقامة تحالفات بدلا عن الإضرار بتحالفات واشنطن القائمة أصلا. كما يرى انه من الضرورة بمكان تفادي أخطاء فيتنام، لا سيما مساندة واستغلال نظام محلي فاسد لا يستطيع حماية نفسه. تحدى الناخبون العراقيون حملة الارهاب مجددا الشهر الماضي وصوتوا لصالح دستور الديمقراطية للبلاد، كما سجلت اللجنة الوطنية للانتخابات قوائم الأحزاب والمرشحين للانتخابات المقبلة، وهذا في حد ذاته تقدم واعد للمستقبل.

ويفتح ذلك أبوابا جديدة لسياسيين شيعيين علمانيين هما، اياد علاوي وأحمد الجلبي، حيث ستدور بينهما المنافسة للحصول على الدعم السني في بغداد، وبعد ذلك سيحتاجان الي التنافس، مرة اخرى، للحصول على الدعم الكردي لتشكيل حكومي. ويتحرك الجلبي وغيره من القيادات الشيعية نحو تشكيل كتلة إسلامية للفوز في يناير والسيطرة على الحكومة الحالية، ولكنها لا تحظى بشعبيه مع الأكراد. الجلبي؟ أليس هو ذلك النصاب العربي المذكور أعلاه الذي تحول الى أسطورة بين الاعلاميين والساسة، وخدع شخصيات سياسية ذكية مثل جاي روكفلر ووكالة الاستخبارات المركزية برمتها، للاعتقاد بأن صدام حسين على بعد دقائق من القضاء عليهم؟ ونفس الرجل الذي أتاح الفرصة لسبق صحافي وأغلفة مجلات امتلأت بلمحات من الصور النمطية العنصرية عن العرب، والتي كان من الممكن إدانتها اذا ما تعرضت أقلية عرقية أخرى لمثل ذلك؟ نعم، الجلبي عاد، في العراق وواشنطن. لقد زار واشنطن هذا الاسبوع بناء على دعوة من الادارة التي استمعت اليه قبل الحرب، ثم حاولت التخلص منه في اطار السياسة العراقية لمصلحة علاوي. اعلم ان الخط الدرامي يزداد تشويشا، ولكن تذكروا اننا في العالم الخفي للاستخبارات.

ومثل هذه الزيارة فرصة جيدة للرأي العام الاميركي لكي يتابع الاشياء التي تثير اهتمام هاغيل، أي فرصة الديمقراطية في العراق، وكيف سيتمكن الجلبي أن يعيد القوات الاميركية للوطن بأسرع وقت. ويمكن لروكفلر وهاري ريد وغيرهم من الديمقراطيين سؤاله شخصيا عن كيف تمكن ببراعة من خداعهم، ثم يشرحون ذلك بالتفصيل لجمهور دوائرهم الانتخابية.

ولكني أشك في ان الخط الدرامي هو السخرية من عودة الجلبي والاخطاء الساذجة، حتى لو جرى تقديمها على حساب الحقيقة. فمن ذا الذي يريد الحقيقة عندما تتوفر له مساحات من الهزل واللهو؟

* خدمة «مجموعة كتاب واشنطن بوست»، خاص بـ «الشرق الأوسط»