قوانين الكون... والإنسان!

TT

هذا كتاب يمكن ان تقول انه قصة واقعية. وهو ليس قصة بالمعنى الذي نعرفه، ولكنه قصة سعي الانسان لفهم الكون. وهي قصة ما زالت فصولها مستمرة والمؤلف الانجليزي سيسيل تيرنير، يقف عند الطفرات الرئيسية في هذا السعي ليعطيها ما تستحقه من العناية والدرس.

وهذه الطفرات وهي اشبه بمحطات رئيسية في طريق طويل، هي عصر الفلسفة والفكر عند الاغريق، ثم اعمال كوبرنيكوس ونيوتن وجاليلو... الخ. ثم النظرية النسبية، واكتشاف تركيبة الذرة.. ويشرح المؤلف كيف حدثت هذه الطفرات كما يتعرض لآثارها الاجتماعية، والسياسية، فهو قصاص تاريخي في روايته، وهو فلسفي تحليلي في استنتاجه.

انه يقول مثلا: ان نيوتن، عندما اثبت قانون الجاذيبة بين الاجسام، اوجد في الوقت ذاته تغييرا جوهريا في نظرة الناس لنظام الحكم.

فقد تبين لهم ان الكون يخضع لقوانين ثابتة، وان الطبيعة منظمة، ولهذا استنتجوا ان الله سبحانه، وهو خالق هذا النظام، لا يرضى ان يتصرف الحكام من دون وازع او مسؤولية، واستنتج الناس ايضا انه يجب ان تكون هناك قوانين ثابتة لما يجب ان يكون عليه الحكم، وقالو ان هذه القوانين موجودة دائما، كما كانت قوانين الطبيعة موجودة الى ان جاء نيوتن فكشف عنها النقاب.

وهكذا جرت اول محاولة لاكتشاف القوانين الانسانية في المجتمع عندما كتبت وثيقة الاستقلال الاميركي فجاء فيها: «اننا نعتقد انه من الحقائق المسلم بها ان جميع الناس خلقوا متساوين في الحقوق، وان خالقهم قد حباهم حقوقا هي جزء لا يتجزأ من انسانيتهم... من ذلك حق الحياة وحق الحرية، وحق السعي الى تحقيق السعادة».

وليس للحكومات غاية سوى ضمان هذه الحقوق للناس. ولذلك فانها تستمد قوتها من تأييد الشعب ورضاه.

وما زال في الكتاب الكثير، فإلى الغد.

همس الكلام:

«عندما كنت صغيرا ادركت ان الفلوس هي كل شيء ولما كبرت آمنت بذلك».