بين الهم الشخصي والهم العام

TT

شاهدت فيلم «أفضل ما بالامكان» للممثل الشهير جاك نيكلسن، وهو في رأيي واحد من أجمل الأفلام التي شاهدتها طوال حياتي.

الفيلم استطاع ان يوصلنا مرات الى قمة المرح والبهجة، وفي مرات أخرى الى قمة الحزن والاكتئاب.. لقد مرجحنا الفيلم بين هاتين المنطقتين، فكان الحزن يتداخل احياناً مع الفرح، والبهجة مع الكآبة، والمرح مع الأسى.. وهي المشاعر التي تثيرها في النفس، متابعة بطل الفيلم ومعايشة اخفاقاته وانكساراته وآماله وآلامه.

لقد أقنعنا الفيلم او على الأقل أقنعني شخصياً بأننا كلنا بطل ذلك الفيلم الذي يعاني من مشكلات ليس لها وجود فعلي.. ففي الحياة ليست هناك مشكلة حقيقية، فما نعتقد انه مشكلات معقدة ليس سوى مجرد تصورات ذهنية محضة.. ومع انها مشكلات وهمية فانها تعطل حياتنا وتنغص عيشنا وتحول بيننا وبين ان نحيا بشكل طبيعي.

كل هذه الأفكار تم تجسيدها على الشاشة من خلال أسلوب اختلط فيه الحزن بالمرح، وكأن صنّاع الفيلم ارادوا ان يقولوا لنا بأن الانسان ليس له وجود فعلي خارج هاتين الحالتين.. فبعيداً عن حالتي الحزن والمرح، يتحول الانسان الى كائن معلّب. ويبقى أداء جاك نيكلسن الذي استطاع ان يقنعنا بأننا جميعاً ذلك الرجل.. وهذا نجاح ما بعده نجاح، فالفنان يقيس نجاحه في الغالب بمقدار نجاحه في اقناع الناس بأنهم معنيون جميعاً بمعاناة الشخصية التي يؤديها رغم خصوصية هذه المعاناة.

الفنان الناجح هو الذي يحول الهم الشخصي الى هم عام.