الإخوان المسلمون هل نخشاهم؟

TT

السؤال في حد ذاته يوحي بخطورة الاخوان، لكنه رغم ما يحمله من معنى ثقيل، الا ان هذا وقت الامتحان. فقد انطلقت الانتخابات البرلمانية في مصر بروح مختلفة عن الماضي، فيها حضور لكل المرشحين. يقدمون برامجهم، ولا يزج بهم في السجون، احترازا من الانتصار. يسيرون مظاهراتهم في الشوارع علانية، وترتفع صحفهم بالاتهامات والتحدي، ولا أحد يوقفهم. ولذا نتساءل ألا يخيف هذا التطور الجديد البعض، في أن يمسك الاخوان المسلمون بتلابيب الحكم؟

لو رجعنا الى الوراء خطوة واحدة لاتضحت لنا الصورة، وبان الفارق الكبير بين انتخابين في اربع سنوات فقط. التطور الانتخابي الطارئ في منطقتنا لم يأت بنفسه، او في صحوة ضمير مفاجئة، بل جاء نتيجة إصرار حكومة واشنطن بفرضه على حكومات المنطقة. فهي ربطت بين احداث الحادي عشر والوضع السياسي في العالم العربي، اي السبب والنتيجة. قالت ان احتواء المتطرفين في مشروع سياسي سيخفف العنف ويلغي العمل السري. في نظري صحيح ان المشاركة السياسية ضرورة لتخفيف الاحتقان بتوزيع المسؤوليات، لكنها ليست حلا اكيدا للعنف الذي تمثله الجماعات الجهادية.

اليوم الاخوان المسلمون في مصر يستعرضون قوتهم، مدركين ان العالم يتفرج، والسلطة لا تستطيع ان ترسل وراءهم عسكرها او تزور معظم بطاقات الانتخاب. وبخبث تسابق حركة الاخوان المصرية الحكومة وحزبها في ادعاء الديموقراطية والتسامح. فهناك قبطي بين قوائم مرشحيها، وامرأة أيضا، رغم ان منظري الاخوان لا يخفون موقفهم القائل، بعدم وصاية غير المسلم على المسلم، ولا حق للمرأة في الولاية العامة. هذا نتاج اكثر من سبعين عاما من الخبرة في الفشل للوصول الى السلطة، حيث جربت الحركة القوة والعنف والتنازلات والمشاركات المحدودة والتحالفات المتناقضة. اليوم الاخوان يقولون للامريكيين، رعاة الديموقراطية الجديدة، نحن نستحقها، وبين صفوفنا مسيحيون ونساء. اما في الشارع المصري فان رسالتهم مختلفة، حيث تقول مظاهراتهم للناس، وليس لواشنطن، «الاسلام هو الحل»، حتى يبدو المسلمون المنافسون، مثل حزب الحكومة، كفرة معزولين.

سنرى أي برلمان يولد من الديموقراطية المصرية الجديدة. الاخوان يقولون انهم سيكسبون ثلاث مرات ما فازوا به في الانتخابات الماضية، وهم يشاركون هذه المرة بضعف عدد المرشحين، عما شاركوا به في انتخابات عام 2000.

وعودة للسؤال، هل يخشى من نجاح الاصوليين انتخابيا، لا بد ان نتذكر اننا بلا تاريخ كامل لمشاركة هذه الجماعات الا في فصول زمنية قصيرة. فالتجربة الايرانية تخيف اي ديموقراطي، لأن المعممين سرقوا كل الحكم وحرموا شركاءهم الليبراليين والشيوعيين في الثورة من اي دور. اما في تركيا فان الأصولية هناك اظهرت براغماتية جعلتها حزبا مدنيا يسهل التعامل معه، فلا ننسى انه الحزب الذي اعاد العلاقات مع اسرائيل وأصر على التقارب مع اوروبا.

ويجوز لإخوان مصر ان يستنكروا الحكم المسبق عليهم من دون منحهم فرصة المشاركة، وها هي المناسبة قد أزفت.

[email protected]