الله لا يهنيك..!

TT

سمعت قصيدة للشاعر وعضو البرلمان الكويتي طلال السعيد المعروف. قصيدة سجلها بعض الشباب، إناثا وذكورا، في ذاكرة الحفظ في هواتفهم، وحرصوا على تداولها، من دون أن أجد دليلا واحدا من أصحابها على أن حرصهم على تداولها يشير إلى أن السبب هو في شهرة الشاعر ورقة أسلوبه وجودة رصفه ووصفه للكلمات، بل ما جاء في القصيدة من ادعاء للطرافة ووصف أجاد فيه الشاعر الدعاء على حبيبه الهاجر المتكبر المتعالي. ذكر الشاعر فيها أنه لن يكون مثل كل الشعراء المعهودين، مسالمين ومستسلمين لأقدارهم، فيقول كما قالوا في وداع حبيب هاجر «روح الله يهنيك»، بل سيدعو ويطلب أن يسلط الله على حبيبه فلا يجد دقيقة من الهناء بعده، وأن تشق أمه جيبها عليه من شدة الجزع لما يلاقيه، وحين يموت فإنه يسأل الله أن يكون مآله جهنم تصليه.

في اليوم التالي فوجئت بأن الأدعية السوداء مهارة لا يجيدها الشعراء الغاضبون فقط وعجائز الحارات القديمة، بل وجدتها في قصة جارتي التي حدثتني:

تسبب جاري الذي يصلي بنا في مسجد الحارة في تركي لصلاة التراويح في المسجد ولزومي البيت، حين وجدت نفسي أرفع يدي معه في دعاء القنوت وآثم بقولي: آمين، حين سمعته يدعو على فئات من الناس بأن ييتم أولادهم، ويرمل نساءهم، ويشل أيديهم وسمعهم وأبصارهم، وأن يجعلهم من شدة ما أصابهم يتمنون الموت فلا يجدون له طريقا، وذكر ممن دعا الله أن يوقع بهم هذه المصائب، الصهاينة والكفار القوميين والحداثيين والرافضة والعلمانيين والليبراليين ووسائل الإعلام والكتاب والمفكرين الذين يسخرون من الدين وأهله، والذين ينادون بأفكار السفور والاختلاط.

ليس فقط الشعر والمسجد هما منابر لنشر ثقافة العداء والكراهية، بل إنك حالما تفتح أحد كتب المناهج الدراسية تجد سؤالا يقول، ماذا تفعل حين تجد رجلا يحب الغرب وأهله؟ الجواب طبعا وأكيد ليس تركه في حاله؟!

بعضنا يتخذ من الدين ثوبا يشجعه للجهر بأمراض نفسية هي من طبيعته الشخصية لا من طبيعة الدين كالكراهية والحقد والنميمة، والأسوأ من هذا أن يضطر الخائفون من سلطتهم إلى مجاراتهم ومنافقتهم خوفا منهم، فيقلدونهم ويذهبون إلى ما ذهبوا إليه من كره وعداء، ولا يستطيع الصبر عليهم من يجد نفسه في تيار مناقض لهم، كطالبة صغيرة جاءت تبكي وتقبل يد جدتها الأميركية قائلة لها: يا خسارة يا جدتي ستذهبين للنار لأنك مسيحية، هكذا قالت لنا المعلمة.

لكن الطالب الجسور لم يبك كالطالبة الضعيفة، بل ضاق ذرعا بما تناقض من كلام معلمه، فهو يدعوهم تارة لكره النصارى، ثم وفي الوقت نفسه يدعوهم لنصحهم ودعوتهم للإسلام، مما حدا به إلى أن يسأل معلمه: يا معلم.. طالما أننا نكرههم فلماذا ندعوهم للإسلام؟ دعهم يذهبون لجهنم ويحترقون فيها الله لا يهنيهم...!

[email protected]