ثقافة بلا ريادة

TT

لو كنت مسؤولا في وزارة الثقافة لأوليت قدرا كبيرا من الاهتمام لإقناع أصحاب الجوائز والمهرجانات الثقافية السعودية المهاجرة، بالعودة إلى وطنهم، بعد سنوات من الاغتراب، وذلك من خلال إزالة كل المعوقات التي دفعتهم إلى إقامة تلك الاحتفاليات خارج الوطن.. فهناك عدد من الاحتفاليات والجوائز الثقافية تقام منذ سنوات خارج بلادها، ومن تلك الجوائز الشهيرة جائزة علي وعثمان حافظ التي أقامت احتفالاتها من القاهرة إلى البوسنة، وهذه الجائزة تعد من أهم الجوائز في الحقل الإعلامي، ولو قدر لها أن تستمر لأصبحت أهم الجوائز العربية في هذا الحقل.

ومثلها جائزة شاعر مكة الكبير محمد حسن فقي، التي ترعاها سنويا مؤسسة أحمد زكي يماني، ولهذه الاحتفالية التي تقام في القاهرة حضورها المتميز ومصداقيتها الكبيرة، وممن فازوا بجوائزها نخبة جيدة من الشعراء والنقاد من مختلف انحاء العالم العربي، كما أن ثمة جائزة ثقافية مستحدثة باسم رجل الأعمال المكي محمد صالح باشراحيل يرعاها أبناؤه، وقد اتخذت من بيروت مقرا لها.

ومن رعيلنا الأول أدباء كبار يستحقون تخصيص فعاليات باسمهم أمثال: حمزة شحاتة، العواد، عبد الله عبد الجبار، الزيدان، السباعي، السرحان، الزمخشري، العطار، عبد الله بن خميس، السنوسي، وعبد الله بن إدريس وغيرهم.. فكم أتمنى أن تنهض وزارة الثقافة بمسؤولياتها لتستحدث المزيد من الحراك الثقافي داخل مدننا السعودية ليكون لنا في كل شهر أو كل أسبوع مثل هذه الفعاليات الثقافية التي نفخر ونفاخر بها، ويمكن أن تستفيد من تقديمها وعرضها أجهزتنا الإعلامية التي تفتقر إلى نقل مثل هذه الاحتفاليات الثقافية الجادة، كما أن من شأن هذه الاحتفاليات تحقيق التواصل بين الأجيال لكيلا ننشئ أجيالا تفتقر إلى الريادة، فلا تعرف عن امتداداتها الثقافية أبعد من لحظتها الراهنة.

وبلدنا أولى بتلك الفعاليات وأحق بإقامتها في رحابها، فتعود جائزة شاعر مكة الكبير محمد حسن فقي إلى مدينته، لتكون واحدة من كوكبة فعاليات أخرى تقام لأدباء مكة الآخرين أمثال: السرحان وعرب والعطار والسباعي والزمخشري وعبد الجبار والصبان وغيرهم، كما ستشكل جائزة علي وعثمان مع جائزة أمين مدني مع جوائز أخرى يمكن أن تخصص لعزيز ضياء والزيدان وعبد القدوس الأنصاري وغيرهم احتفاليات ثرية تقام في المدينة المنورة، ومثل ذلك في جده تخليدا لأدباء أمثال العواد وشحاتة والمغربي وقنديل وغيرهم، وعلى هذا النحو يمكن أن تحتفي الرياض بتخصيص مهرجانات وجوائز بأسماء مبدعيها أمثال: حمد الجاسر وعبد الله بن خميس وعبد الله بن إدريس وآخرين، وللشرقية والجنوب والشمال مبدعون الذين يفترض أن يحظوا بنفس القدر من الاهتمام والتقدير.

وباختصار: نحن نحتاج إلى وثبة ثقافية تعيد الحراك إلى بحيرة الثقافة الراكدة، ومثل هذه الاحتفاليات والجوائز والمهرجانات يمكن أن تكون معينا مثاليا لتحقيق هذه الغاية، فهل نحن فاعلون؟

[email protected]