الأردن دخل مرحلة جديدة .. ويدعو لـ «غرفة عمليات مشتركة»

TT

لم تكن العمليات الإرهابية التي استهدفت ثلاثة من فنادق عمان مفاجئة، لا للأردنيين ولا للأجهزة الامنية، فالحرب بين الاردن وتنظيمات وخلايا وشبكات الارهاب التي بدأت في مطلع تسعينات القرن الماضي، لم تتوقف، بل هي ازدادت حدة وتصاعدت وغدت حرباً سافرة ومواجهات شبه يومية، بعد ان تحول العراق منذ احتلاله في ربيع عام 2003 الى قاعدة لهذه الشبكات والمجموعات والخلايا.

قبل عدة شهور نفذت مجموعة تابعة لتنظيم «القاعدة» المتجذر الآن في العراق بقيادة (ابو مصعب الزرقاوي) عملية استهدفت مدينة العقبة الاردنية، التي تعتبر العاصمة الاقتصادية الاردنية، وكان من الممكن ان تكون نتائج تلك العملية بالغة التأثير لولا أخطاء وقع فيها المنفذون، ولولا ان يقظة الأجهزة الامنية أحبطت الحلقة الاخيرة من تلك العملية.

وثبت بعد إلقاء القبض على المخططين الرئيسيين لهذه العملية والتحقيق معهم، ان الاردن غدا هدفاً رئيسياً لتنظيم «القاعدة» العامل في العراق بقيادة (ابو مصعب الزرقاوي)، وبإشراف ومساندة أجهزة مخابرات دولٍ إقليمية، وان عملية العقبة لن تكون الاخيرة بالتأكيد، وان الاردنيين إذا لم يفتحوا عيونهم جيداً، فإن بلدهم سيتحول الى حديقة خلفية للعراق، الذي غدا قاعدة للإرهابيين، وغدا أهله الابرياء أهدافاً يومية لهؤلاء الارهابيين.

وهكذا فقد استمرت محاولات «القاعدة» التي تستهدف الاردن. ولعل ما هو معروف ان الاجهزة الامنية تمكنت خلال الفترة الماضية منذ عملية «العقبة» المشار إليها من إحباط سلسلة من هذه المحاولات، كان آخرها إلقاء القبض على عشرة أشخاص تمكنوا من اجتياز الحدود السورية ـ الاردنية على غرار ما حدث مرات عدة خلال السنوات الاخيرة.

والاعتقاد المتداول بين المواطنين الاردنيين، العاديين والرسميين، ان الارهابيين الذين اختاروا أهدافاً سهلة بعد فشلهم في الوصول الى اهداف استراتيجية وحساسة أرادوا إيقاع أكبر عدد من القتلى ليزعزعوا الاستقرار وليضربوا القطاعين السياحي والاستثماري، وهذا حصل مثله في مصر أكثر من مرة وفي المغرب والمملكة العربية السعودية.

والقناعة التي ترسخت لدى المسؤولين الاردنيين بعد هذه العملية الخطيرة ان الارهابيين لن يكتفوا بما قاموا به وانهم سيواصلون المحاولات وان هذه حرب مفتوحة ربما يخسرون أكثر معاركها لكنهم قد ينجحون في معركة أو اكثر وهذا يعني انهم ربما يلجأون الى سلاح الاغتيالات الشخصية إذا وجدوا انه من المتعذر عليهم الوصول الى الاهداف الحكومية والسياحية والاقتصادية.

ولذلك فإن المتوقع ان يبادر الاردن، استعداداً لمواجهة شديدة مرتقبة، الى سلسلة من الاجراءات الداخلية على كل المستويات بما في ذلك الحكومة والاجهزة الامنية فالشعور السائد ان العملية الاخيرة ستتبعها عمليات أخرى كثيرة ربما ستكون أخطر.

ثم والى جانب كل هذا، فهناك معلومات تتحدث عن ان الاردن، وفور وقوع هذه العملية بادر الى إحياء اتصالات سابقة بعدد من الدول العربية وغير العربية المعنية، لإنشاء غرفة عمليات مشتركة لتنسيق الجهود لمواجهة هذه الآفة، التي غدت تضرب في كل مكان، وغدت تستهدف الجميع وكل الدول المعتدلة بدون استثناء.

.. الاردن بات يشعر بعد هذه العملية، التي هي اكثر عملية تستهدفه منذ جريمة رئيس وزرائه الاسبق هزاع المجالي في مطلع ستينات القرن الماضي، انه دخل مرحلة جديدة وان هذه المرحلة تتطلب لياقة أمنية وسياسية، غير اللياقة السابقة ، كما تتطلب تحالفات جديدة وإعلان حالة الاستنفار القصوى في المنطقة كلها، نظراً لأن الارهاب تجاوز كل الحدود وغدا آفة حقيقية تهدد الجميع.