من حفرة إلى حجرة

TT

تقع السفارة الاسرائيلية في عمان على بعد كيلومتر واحد من فندق «دايز ان» وقد اختار الانتحاري المنفذ والعاقل المحرض، تفجير الفندق. وتعج منطقة الفنادق بالزوار الاجانب، وقد اختار الانتحاري القاتل ومحرضه على القتل الجماعي، تفجير عرس عربي أردني. وفي العراق نحو 100 الف جندي غربي، قضى منهم حتى الآن 2000 جندي اميركي مقابل 80 الف عراقي قتلوا في الطرقات وفي المساجد. وفي شرم الشيخ والاقصر واسوان والقاهرة يختار المفجرون السياحَ او الامهات او الاطفال. وفي الجزائر كانت مدارس البنات هي الهدف الاول. وفي الرياض ضربت الاحياء السكنية. وفي الكويت الاحياء الشعبية. لماذا ؟ لأن الصفة الاولى للعنف هي العمى. فالانسان المبصر لا يمكن ان يفجر الاعراس ولا ان يذبح الطالبات الصغار في الجزائر. والذين فجروا لندن اختاروا الحافلات التي هي جزء من حياتهم اليومية ومن حياة امثالهم ولم يذهبوا الى قاعدة عسكرية. ثمة اصرار على طبيعة العمى وعدم التمييز ورفض العوامل الانسانية او البشرية. لذلك يحوَّل العرس في عمان الى جنازة معلنة للعرسان والضيوف والعابرين، كمثل ابنة الصديق مصطفى العقاد. او ابنة اي رجل آخر لا نعرفه. فجميع الضحايا في النهاية متساوون أمام عماء العنف ووحشيته. وثمة مثل شامي قديم يقول «مثل عصا الاعمى من حفرة الى حجرة». ولذلك وصفت الناس عمى البصر بالبصير تميزا له عن اعمى البصيرة.

ما هو المقصود من نشر صورة الدماء هذه على مدى العالم؟ من بالي الى عمان ؟ ولماذا نقاط السياحة ومفاتيح الاقتصاد ؟ واي صورة يريدون اعطاءها للعالم، مرفقة بفيديو حز أعناق الرهائن ؟ والى اين من هنا ؟ سوف احاول الاجابة مكرراً البداهات ومصرا عليها ولا حل سواها. يجب ان يخرج قادة الرأي والفكر والعقل والقلوب الى ساحات المدن مستنكرين ومتبرئين من الجرم الاكبر. يجب ان يتملكوا الشجاعة التي تملَّكها اهل الدار البيضاء عندما خرجوا يدافعون عن رهائنهم لدى مستوحشي العراق. هكذا كان يجب ان تفعل الجزائر من اجل رهائنها. والمظاهرات المصرية التي تخرج كل يوم ضد الدولة اين كانت نائمة عندما قتل السفاكون سفير مصر في العراق، وهو سلوك تمنعت عنه القرون الوسطى وما قبلها.

هذا السلوك الاجرامي لا يحل بالنوم والاختباء في الزوايا ولا بصمت القبور الذي يلف قادة الرأي والمجتمعات. والصامتون اليوم عن هذه الآثام سوف يجدون انفسهم غداً في الصف التالي للأبرياء والأعراس. انهم لا يدركون معنى العمى العنفي ولا يعرفون أن صمتهم لا يغني عنهم في شيء.