... بين عالمين

TT

كجراثيم المستنقعات وخفافيش الظلام، قام تنظيم القاعدة الارهابي بتنفيذ عملية دنيئة جديدة راح فيها العشرات من الابرياء وروع فيها بلد بأكمله. فالتفجيرات القذرة التي وقعت بالعاصمة الاردنية عمان وأسفرت عن مقتل 67 شخصا وإصابة المئات الآخرين، توضح أن آفة الارهاب لا تزال بخير وأن آلية تغذيتها موجودة وبخير، خصوصا مع استمرار «مكائن» انتاج الفتاوى في انتاج وترويج الآراء الشريرة، التي تبرر وبالتالي تمكن من اتمام هذه العمليات. (أشرف خالد) هو العريس الذي كان يحتفل بزفافه وفقد العديد من أهله وأصدقائه وكذلك المخرج مصطفى العقاد الذي قتل وابنته، وهو الرجل الذي قدم للاسلام خدمات بأعماله الفنية (التي نتج عنها اسلام المئات وتغير صورته في ذهنية وعقول الكثيرين)، أهم مما قدمه الزرقاوي وحثالته ومن يدعمونهم بالآراء الملوثة.

هذه هي الصورة: عالم يحيا وعالم يقتل، إنها الفجوة الذهنية التي لا تزال موجودة في العالم الاسلامي ولا تزال، ولا تزال الآراء والكتب المسمومة موجودة تغذي هذا الفكر المدمر، وتجد له المبررات والأعذار بشكل هائل ولا يصدق. مرة أخرى عاصمة عربية اسلامية «جديدة» تقع ضحية الاعمال الارهابية. ومن العلامات الظاهرة أن هناك «رابطا» بين ما يحدث في العراق وما يحدث في الاردن، وأن «بركات» الجهاد في العراق بدأت في الانتشار لحدود جديدة. ولم الاستغراب طالما أن هناك من يمجد عمليات انتحارية فيها ازهاق للروح ويعتبر ذلك استشهادا ومقاومة وأعمالا جليلة وعظيمة، وأيضا من يصفق ويهلل لوفاة الأبرياء في تلك العمليات الدنيئة ويبرر ذلك بأنه ثمن جائز في سبيل الهدف الأسمى. الفجوة الموجودة في العالم الاسلامي بين أهل «الدم» و«السيف» وأهل السلام والأخلاق هو التحدي الكبير الذي بدون ردم تلك الفجوة بجدية لن يقتنع أحد بالخطابات والطروحات والندوات والمقالات.

فالمناهج لا تزال مسمومة والمنابر محمومة والمنتديات مجنونة إلا من رحم ربي. عمان لن تكون آخر المصائب. وقائمة الضحايا مرشحة لأن تزداد بشدة طالما استمر الرقص حول نار الفتنة المؤججة والمتمثلة في الافكار المتشددة والشديدة التطرف، دون اخماد النار نفسها التي لن تكون بردا ولا سلاما علينا. بن لادن، زرقاوي، ظواهري وكل «الأبوات» الذين معهم، ما هم إلا افرازات مسمومة لقرح امتلأ بها الجسم الاسلامي منذ زمن وسيستمر في افراز غيرهم بدون حل جذري «بالجراحة» أو بالكيماوي، للقضاء على هذا الفكر الذي لا يمكن العيش معه، لأنه لا يقبل العيش مع احد أساسا. العزاء للاردن والصبر للجميع واليد على القلب مما هو آت.