بين سباقين: الفضاء والفضائيات العربية

TT

للمرة الثانية تطلق الصين رحلتها المأهولة الى الفضاء «شينغو ـ 6» Shenzhou-6 وعلى متنها رائدا فضاء، وذلك بعد سنتين من الرحلة المأهولة الأولى «شينغو ـ 5» Shenzhou-5في 15 اكتوبر عام 2003، والتي أدخلتها نادي الفضاء الدولي National Space Club، والذي يضم في عضويته سبع دول من بينها الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي واسرائيل واليابان والصين والهند، ولتؤكد الصين بذلك عزمها على المضي قدما في غزوها الطموح للفضاء، والذي سيعود لها بنتائج مهمة على الصعيدين العسكري والمدني، بالإضافة الى اثبات مكانتها وسيادتها، وتسعى الصين أيضا على المدى البعيد لتحقيق المزيد من الأهداف الفضائية الأخرى الطموحة المتمثلة في ارسال المزيد من المركبات الفضائية المأهولة وإرسال مركبة غير مأهولة الى القمر بحلول عام 2010، وبناء محطة فضائية.

ويذكر أيضا أن وكالة الفضاء الأميركية «ناسا» تخطط للعودة للقمر بإرسال رواد فضاء على سطح القمر بحلول عام 2020 ضمن مشروع طموح ستبلغ قيمته 104مليارات دولار، وسوف تستخدم البعثات الجديدة للقمر تكنولوجيا الصواريخ التي استخدمتها المكوكات الفضائية بهدف اختصار التكاليف، كما تفكر «ناسا» أيضا بإنشاء قاعدة شبه ثابته على سطح القمر، هذا بالإضافة للمشاريع الأخرى مثل غزو كوكب المريخ والكواكب الأخرى، وكذلك مشروع مصاعد الفضاء لربط الأرض بالفضاء الخارجي والذي سيحدث ثورة في النقل الفضائي، والذي رصدت له ميزانية بحوالي 10 بلايين دولار.

ولا ننسى أيضا برنامج الفضاء الهندي الطموح، الذي يهدف الى الاعتماد على الذات في تطوير الأقمار الصناعية ومنصات اطلاقها والاستفادة من تقنيات الفضاء في مراقبة سطح الأرض وفي الاتصالات والتعليم عن بعد والطب والأرصاد الجوية ودعم برامج تفادي الكوارث الطبيعية، بالإضافة الى اعلان الهند أنها سوف تطلق أول مركبة فضاء من دون طيار الى القمر خلال الفترة ما بين عامي 2007، 2008 بهدف دراسة سطح القمر وحركة الكواكب.

ولا شك أن هذا السباق المحموم نحو الفضاء، يدعونا للتساؤل أين عالمنا العربي من كل هذا، وما هو دورنا في هذا السباق ان كان لنا دور، أم أننا سوف نكتفي فقط بدور المتفرج ونقوم فقط وعلى استحياء بالإشارة السريعة في وسائل اعلأمنا لهذه الأخبار والمشروعات الفضائية وكأنها تحدث في عوالم أخرى ليس لنا دخل بها، ودون أن تحفزنا لأن يكون لدينا برامج فضاء عربية طموحة تتناسب مع تاريخنا الحضاري العريق وديننا الاسلامي القويم الذي يحث على العلم، وكانت أول آية فيه هي «اقرأ»، هذا بالإضافة الى ما لدينا من امكانات مادية وعقول عربية مستنيرة.

والمثير أيضا للتعجب والدهشة والأسى والحيرة، أن هناك في عالمنا العربي سباقا محموما من نوع آخر هو سباق الفضائيات العربية وبخاصة في شهر رمضان الكريم، الذي حولته من شهر للطاعات والخيرات الى شهر للفوازير والمسابقات والمسلسلات والبرامج الترفيهية، لدرجة أن أصبح تقليداً متعارفاً عليه سنويا على تقديم البرامج الترفيهية والفوازير وربطها دائما بشهر الصوم، والتي تجعل المشاهد يلهث وراءها والتي في أغلبها ليس لها علاقة بهذا الشهر الكريم ولا بقيمنا وعاداتنا، ونخشي أن يرتبط هذا الشهر الكريم في أذهان الأجيال الناشيءة بالمسابقات والفوازير. مع أن السباق الحقيقي بين الفضائيات وبخاصة في هذا الشهر الكريم ينبغي أن يكون في حث المشاهد على الاكثار من الطاعات من خلال زيادة البرامج الدينية والعلمية التي نحن في أمس الحاجة اليها وبخاصة في عصرنا الحالي للحفاظ على هويتنا وقيمنا والاستعداد للمستقبل. كما أن هذا العدد الهائل من الفضائيات العربية يمكن استثماره في نهضة علمية حضارية تعيد الينا مجد وتراث أجدادنا، وتضعنا من جديد في مكان مرموق بين الأمم، وحتى لا نتساءل بعد ذلك لماذا تأخرنا وتقدم غيرنا؟.

* كاتبة وباحثة مصرية بجامعة جورجيا الأميركية

[email protected]