اكذب.. اكذب حتى يصدقك الناس!

TT

أول ضحايا الحروب: الحقيقة..

فلا أحد يقول بالضبط ماذا حدث.. فكل دولة تبالغ في خسائر العدو وتبالغ أيضا في قلة ضحاياها. وتنتهي الحرب وكل طرف يؤكد أن الطرف الآخر هو الخاسر حتى لو انتصر. أو تقول: إنه انتصر ولكن كان الثمن فادحا..

ربما كانت حرب جزر فوكلاند بين بريطانيا والأرجنتين هي الحرب النموذجية.. فالحرب تقع على بعد خمسة آلاف كيلومتر من بريطانيا. وقد أعلنتها مرجريت ثاتشر ودخلت الحرب وخرجت منها منتصرة والصحف والشعب لا يعرف إلا القليل عن الذي حدث.. واستردت الجزر. وكانت الأرجنتين قد استخدمت صواريخ فرنسية اسمها: الأسماك الطيارة أي التي تقفز، وكذلك صواريخ تطير على وجه الماء، وأصابت نصف الأسطول البريطاني. فذهبت ثاتشر إلى غريمها الرئيس ميتران وطلبت منه أسلحة مضادة للصواريخ.. وأعطاها. وكسبت الحرب التي صورتها أقمار التجسس الأميركية..

ونحن في مصر لا نعرف بالضبط ماذا حدث في هزيمة سنة 1967. كم ضحايانا.. كم أنفقنا.. كم خسرنا؟ وكم خسرت إسرائيل؟ أما إسرائيل فقد قالت وبالتفصيل.

وفي حربنا في اليمن لا نعرف ماذا جرى. ولا كم مات منا، وكم مات من اليمن. وكم مليارا خسرنا.. ولا حتى لماذا ذهبنا.. وفي الهزيمة لا نعرف ما الذي فعلته سوريا وكيف استدرجتنا هي وروسيا لهذه المأساة التي لم نعرف أبعادها حتى اليوم..

وفي الحرب العالمية الثانية لا نعرف بالدقة كم مليونا خسر الروس والألمان والحلفاء. وكل يوم نسمع الحرب ونخرج وقد أقسمنا ألا نقول الحق! وهناك عبارة شهيرة لتشرشل يقول: إن الحقيقة غالية جدا، ولذلك يجب أن نحميها بجيوش من الأكاذيب.

ويقول أيضا: إن الورق أقوى من الرصاص.. أي الدعاية وما تنشره الصحف، أخطر كثيرا من المدافع.. وقد ذهبت القوات اليابانية في الحرب العالمية الثانية تهاجم سنغافورة التي وصفها الإنجليز بأنها حصن منيع، وفوجئ اليابانيون بأنه ليس في هذه القلاع إلا عشرة من الجنود؟!

وما يحدث في الحروب يحدث أيضا في كل المعارك السياسية والاقتصادية ـ وأمامنا ووراءنا وحولنا الحرب في العراق. ولك ما قالته أميركا عن أسباب الحرب والاستمرار فيها والحرص على البقاء وكذلك بريطانيا: كذب في كذب!