كلمة الجعفري أقلقت خصومه

TT

أتعجب وانا استمع الى غلاة السنة يتشددون في مواقفهم، في ما يفترض انه مؤتمر مصالحة بين العراقيين، الذي عقد في القاهرة. كما أتعجب عندما أرى الاغلبية الشيعية تريد اقصاء الاقلية. السبب في الحالة الأولى ان السنة لا يملكون الرقم الصحيح انتخابيا لتغيير الوضع السياسي كونهم أقلية، ولا يملكون الموقع الجغرافي او الثروات حتى يطلبوا مقابلهما حقوقا إضافية.

اما في حالة اصرار بعض الشيعة على التشدد ضد السنة، من قبيل اقصائهم عن العملية السياسية، فغريب حقا، لأن أغلبية النتائج الاساسية مضمونة لهم بدون رصاص او عراك، بل بورقة الصندوق الانتخابي. وبالتالي من صالحهم ان تشارك كل الفئات المختلفة، مهما كانت معارضة، لأنها تمنحهم شرعية اكبر واستقرارا ضروريا.

مع هذا صار مؤتمر القاهرة احتفالية جميلة، رغم تقاذف الاتهامات والمقاطعات وحروب المؤتمرات الصحفية. احسنت الجامعة العربية بعقده، لأنه أشعر العراقيين باهتمام العرب بهم، بعد ان رأوا منهم الارهابيين وجلد الاعلام العربي كل صباح ومساء.

عبّر عن هذا الشعور رئيس الوزراء ابراهيم الجعفري، في كلمته المميزة التي فاجأت الكثيرين، لأنه ضمنها الاسئلة التي تدور في مجالس العرب خارج العراق وخلف ظهره. كانت مصارحة ايجابية، مثل هل العراقيون عرب أم لا؟ وهل هناك خوف على انتمائهم، وبقية القضايا التي تفسر بالنيابة عنهم؟ وربما لأنه رد عليها عمد خصوم الجعفري الى التقليل من خطابه، ووصموه بأنه مفرط في التفاؤل، عندما قال ان العراقيين يتعايشون مع بعضهم البعض.

ندرك انه لا يسر العراقيون المعارضون ان يظن العرب ان مشكلة العراق ارهابية، بل هي في نظرهم ذات استحقاقات ناقصة. الجعفري محق في تصويره للمشهد العراقي حتى الآن. فالعراقيون في مجتمعهم الفسيفسائي تعايشوا قرونا، غالبا في سلام، وما نراه اليوم هو من عمل الميليشيات البعثية، التي خسرت مواقعها ومصالحها، وتدعي انها تدافع عن الناس. وكذلك جماعة الزرقاوي التي تريد حربا في اي مكان في العالم العربي تحت أية ذريعة، كما رأينا في الأردن أخيرا. بالتأكيد الخصومة المستمرة التي يشعلها الخاسرون سياسيا، قد تمزق عامة الناس الى معسكرات، وتورطهم في التصنيف المذهبي والسياسي وتنتهي بحرب أهلية.

ما قاله الجعفري كان حكيما ومؤثرا للكثير من العرب، الذين لا يعرفون عن العراق الا ما يقال لهم من الاطراف المعارضة. وسيكون كلامه مطمئنا أكثر، اذا حرصت حكومته بحساسية مفرطة على التعامل مع صورتها ورؤية العرب لها. قلة تدرك ان هناك من الجماعات التي تبحث لنفسها عن موقع سياسي او تسترد مجدا غابرا، تريد ان تشعل العراق حربا تجر اليها كل العراقيين والعرب. وستحاول ان تقدم الادلة على ضرورة التحزب والتقاتل وتبحث عن الدعم خارج الحدود.

 

[email protected]