كثيرا ما نكتب ونتحدث ونحاضر عن أشياء كثيرة في الحياة، لكن ما نهمله، مع سبق الإصرار والترصد، وما نحاول الهروب منه هو السؤال الأكبر، سؤال الحياة..! كيف وإلى أين ولماذا وإلى متى؟!
هذه الرحلة العجيبة التي اسمها الحياة، ألا تستحق منا عناء التوقف عن اللهث لصالح التأمل، والتوقف عن الصراخ لصالح الهدوء الجميل، والتوقف عن العناد لصالح التصالح مع النفس ومع الزهور البرية والغيوم البيضاء التي أمطرت في مكان ما..!
ألسنا نعاند أنفسنا عندما نرفض طرح السؤال الأكبر.. سؤال الحياة..؟ ألسنا نشبه ذلك الذي يقول انه لا يستطيع رؤية الغابة بسبب الأشجار، وانه لا يستطيع رؤية البحر بسبب الموج، ولا يستطيع رؤية الوردة بسبب ألوانها ورائحتها..؟
إننا ننشغل بالحديث عن الصداع، ونغفل السؤال الأكبر عن الموت..! ننشغل بالسؤال عن القلق ونهمل سؤال الطمأنينة..! إننا نعتقد أن الغابة مكان موحش لأننا نتابع المجازر التي تقوم بها الحيوانات المفترسة، ولا نراقب هدوء ووداعة ملايين الغزلان والفراشات الملونة. ننسى أن التوحش هو الاستثناء، وأن القاعدة الكبيرة والعظيمة هي المصالحة والوداعة والاطمئنان..!
علينا أن ننتبه إلى أن الآباء والأمهات الذين قدت قلوبهم من حجر، يهملون أجمل ما في الكون، وهو أطفالهم، هم الاستثناء. القاعدة هي ملايين الآباء والأمهات الذين يحيطون هؤلاء الأطفال بالمحبة والحنين والرحمة..! اللصوص والقتلة والمهربون هم الاستثناء.. القاعدة هي ملايين النساء والرجال الشرفاء الذين يكسبون خبزهم بعرقهم، يستلقون على فراشهم آخر النهار وليس في قلوبهم شعور بأنهم ظلموا أحدا أو أخذوا حق أحد..!
كلما قلت لهم تعالوا نتأمل الحياة، انشغلوا بتفاصيلها، وكلما قلنا لهم تعالوا نقرأ كتاب الكون المفتوح انشغلوا بقراءة دفاتر شيكاتهم..! وأحيانا ومن باب المجاملة يقولون ليس لدينا وقت للانشغال بمثل هذه القضايا..!
الوقت.. هذه الأكذوبة الكبرى. المتهم البريء..! الوقت ليس موجودا أصلا، الموجود هو نحن. نعطي مواعيد قبل وبعد الأشياء فيصير ذلك وقتا، بعد لحظة الفرح وقبل لحظة من الحزن يصبح هناك وقت..! الوقت محايد.. الزمن خرافة كبرى..!
الوقت يمر بطيئا بمقاييس السجناء.. يمر كالبرق بمقاييس العشاق..! تذكروا أنكم مثل أية سيارة تقودونها تحملون عدادا يحدد عمركم الافتراضي فاغتنموا الفرصة..! فرصة أنكم قادرون على فعل الخير ونشر المحبة..! الرحلة قصيرة.. وقصيرة جدا مخطئ من يعتقد غير ذلك..!