رأيت وسمعت السادات ممثلا!

TT

كل الزعماء ممثلون، لانهم يواجهون الجماهير، ويجب أن يبدوا أقوياء، فهذه القوة تطمئن الناس على حياتهم وبلدهم، وحتى لو كان الزعيم يعاني سكرات الموت فيجب ألا ينتقل ضعفه إليهم، فسوف يكون ضعفه نوعاً من خيانة الأمانة، فقد ألقوا الهموم كلها على كتفيه، وهو قد أرتضى ذلك.

وسمعت من الرئيس السادات أنه كان يتمنى أن يكون فنانا، وعرفت من زملائه في الدراسة أنه كان ضمن فريق التمثيل في المدرسة، وسمعت من الرئيس السادات ايضا أنه اخطأ الطريق إلى أمله، وهو أن يكون ممثلا أو مطربا، وقد سمعت السادات يغني وسمعته أيضا يرتل القرآن الكريم، فلديه إحساس بأن صوته جميل النبرات.

وفي يوم جاء مذيع أميركي أسمه جورداش، وأجرى حوارا مع السادات وفجأة قال له: ما رأيك يا سيادة الرئيس لو أننا قمنا بتمثيلية معا، أنا أقوم بدور السادات وأنت تقوم بدور مناحم بيجين، واشار لي أن أقوم بدور ياسر عرفات وأن يكون هذا التمثيل مرتجلا.

مفاجأة ! وتكلم السادات بلسان بيجين مهاجما السادات والعرب، ثم طلب أن يعود على نفسه وأن يرد على كل الذي قاله على لسان بيجين، وضحك السادات وإذا به يهاجم بيجين بعنف، ويؤكد لبيجين أن مثل هذا التفكير العتيق لن يحقق السلام بين إسرائيل والعرب؟!

ويبدو أن قيامي بدور ياسر عرفات كان ضعيفا، فقال المذيع: أنا سوف أقوم بدور عرفات وأن يتولى الرئيس السادات الرد على ما يقوله عرفات، وقال السادات كلاما معناه أن عرفات موهوب في إضاعة الفرص، وان موهبته كما وصفها الدبلوماسي الشهير أبا أيان: أنه لم يترك فرصة لإضاعة أية فرصة!

وبعد نهاية التمثيلية المرتجلة قال لي جورداش: مصيبة كبرى أن يحكمنا هؤلاء الناس الذين هم أقدر على التمثيل من الممثلين أنفسهم!

ونقلت رأي جورداش إلى الرئيس فقال لي: هات ميكروفونا وضعه أمام أي إنسان سوف يفتح فمه، فإن كان أمامه شخص واحد فسوف يتحدث إليه، وإن كان أمامه عشرة فسوف يحاورهم، وإن كانوا ألفا فسوف يخطب فيهم.. هذا قدرنا!

وقدرنا نحن أيضا!