للرئيس بوش : أيهما .. التغيير أم انتظار الكارثة ؟

TT

بدأ الرئيس جورج بوش عهده الثالث. هذا صحيح. فهو رئيس ثلاثة عهود. اول عهده كان في الفترة من 2001 الى 2004، وسيطرت عليه هجمات 11 سبتمبر، التي استخدمها بمهارة لتطبيق اجندة جمهورية يمينية متشددة في مجالي الضرائب والحرب مع العراق، التي لم تكن موجودة في 10 سبتمبر.

اما عهده الثاني فقد كان قصيرا. دام منذ اعادة انتخابه في نوفمبر من العام الماضي حتى يوم الانتخابات في العام الحالي. وكانت فترة رئاسة ضائعة تماما. وقد سيطرت عليها محاولة تخصيص قطاع الضمان الاجتماعي، الذي رفضته البلاد، والفضائح السياسية المتعلقة بلويس ليبي وتوم ديلي وبيل فيرست، ورد الفعل على إعصار «كاترينا»، وسوء التعامل في الحرب العراقية، الى درجة ان العديد من الديمقراطيين والجمهوريين بدأوا في التصويت بـ«عدم الثقة» في ما يتعلق بأداء تشيني وبوش في الحرب مع العراق. واذا كان نظامنا نظاما برلمانيا، لكان على بوش الاستقالة.

والآن بدأ عهد بوش الثالث. ما الذي سيفعله ؟ في المرة الاخيرة انحدر وهبط الى القاع، بسبب تعاطي الخمور، ثم اكتشف التدين فتحولت حياته. والآن بعدما انحدر وهبط الى القاع مرة اخرى، هذه المرة بالاستماع كثيرا لكارل روف، يصبح السؤال ما اذا كان في امكانه اكتشاف اميركا وتغيير رئاسته.

عندما اشاهد بوش هذه الايام، يبدو مثل رجل يتمنى اجراء التعديل رقم 28 على الدستور باسم «هل يمكنني المغادرة الان»، فهو يبدو مثل شخص يفضل العودة الى مزرعته في تكساس. ليس الامر مجرد انه لا يستمتع بالأمر. يبدو انه يفتقر الى أفكار تتعلق بمستقبل أمته.

وبما انه لا توجد مثل هذه المادة، فلا يوجد امامه إلا خياران. الاول هو الاستمرار في الحكم وكأنه في منافسة مع جون مكين في ساوث كارولينا لدعم استراتيجية متشددة معتمدة على تقسيم البلاد من اجل الحصول على 50.1 في المائة التي يحتاجها لتطبيق مزيد من خفض الضرائب، وتجاهل مشكلتنا الحقيقية: العجز والرعاية الصحية والطاقة وتغير الطقس والعراق. مزيد من السياسات التدميرية والحادة سيؤدي الى كارثة.

وفي الوقت الذي من الممكن التوصل الى نتيجة مرضية في العراق ونمر بأهم لحظة سياسية في بغداد ـ اول انتخابات وطنية مؤسسة على دستور من صياغة العراقيين ـ فمن المفزع رؤية بوش وديك تشيني يتهمان الديمقراطيين بأنهم اقل وطنية في العراق. لقد خاض الرجلان هذه الحرب بثمن زهيد، حيث كانا يضعان المناورات السياسية قبل السياسة، بدون اية خطط للخطوة التالية وبدون تحميل المرؤوسين اية مسؤولية، بما في ذلك طرد رامسفيلد قبل فترة طويلة، ان اتهام أي شخص بأنه يفتقر الى الجدية حول العراق امر مثير للاشمئزاز. يجب علينا المضي في طريقنا في العراق، ولكن لا يمكن الاستمرار في ذلك وحدنا او منقسمين. اننا في طريقنا لتقديم اكثر الحكومات شرعية في العالم العربي، وبدلا من اعتراف فريق بوش وتشيني بأخطاء اسلحة الدمار الشامل، يسعى الى العفو ويحث البلاد على الاتحاد وراء الجهود المهمة لهزيمة جنون الجهاديين في العراق.

يقول دافيد روثكوف في كتابه «قيادة العالم»: ندخل عهدا جديدا من الاختيارات الصعبة لأميركا، عهدا لا يمكن لنا فيه الاعتماد دائما على ثلاث دول آسيوية تكتب لنا شيكات تعويضا عن فشلنا في الاستعداد لمواجهة اعصار او ادارة حرب بطريقة سليمة».

نأمل في ان يرتفع بوش الى مستوى التحديات. ليست لدينا ثلاث سنوات لإضاعتها. وللقيام بذلك، عليه ان يصبح رئيسا، لعهد ثالث، مختلفا تماما، مع مزيد من الاجندة والأسلوب المعتدل. اذا ما قام بذلك فلديه الوقت لكي يصبح جسرا للمستقبل. اما اذا لم يفعل فإن الموارد التي سيضيعها وحجم المشاكل التي تجاهلها ستضعه في الطريق ليصبح واحدا من اسوأ الرؤساء.

* خدمة «نيويورك تايمز»